حين يكون الصدق قيمة عُليا
الصدق يتصدّر القيَم العليا في الإسلام، بمقابل الكذب الذي لا ينبغي أن يصدرَ من مسلم في جدٍّ ولا هزل.
والمعنى البسيط الذي يرتبط بكلمة الصدق هو الإخبار عن الأمور بأمانة وموافقة للواقع. وهذا المعنى صحيح بلا ريب، لكن مرتسماته في قلب المؤمن وفي حياته أوسع من هذا، فقد ذكر الله تعالى صفات الأبرار فإذا هي إيمانٌ باللّه واليوم الآخر وإقامة الصلاة وإيتاء للزكاة ووفاء بالعهد وصبر في البأساء والضراء وحين البأس، ثم قال: {أولئك الذين صَدَقوا، وأولئك هم المتقون}. [سورة البقرة:177].
ونفهم من ذلك أن مَن فعل ذلك كله فقد صدّقت أعماله إيمانه، بخلاف الذين لم يلتزموا بذلك كله فإنهم لم يبلغوا درجة الصدق التي تجعلهم في الأبرار.
ونجد مثل هذا المعنى في سورة الحجرات، حيث كان الصادقون هم الذين ثَبَتَ الإيمان في قلوبهم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله: {إنّما المؤمنون الذين آمنوا باللّه ورسوله ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله. أولئك هم الصادقون}. [سورة الحجرات: 15].
وجعل الكذب محصورًا في صفات الذين لا يؤمنون بآيات الله. قال تعالى: {إنّما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله. وأولئك هم الكاذبون}. [سورة النحل: 105].
وحين نقرأ في مطلع سورة البقرة صفات المتقين ثم صفات الكافرين والمنافقين نجد أن علّة المنافقين هي الكذب: {ومِنَ الناس مَن يقول: آمنا باللّه وباليوم الآخر، وما هم بمؤمنين}. إلى قوله: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}.
وأمارة الصدق في الإيمان تظهر في الثبات أمام الفتن التي يتعرّض لها المؤمن فلا يزيغ ولا يرتاب. نقرأ هذا في مطلع سورة العنكبوت: {ألــم. أحسِبَ الناس أن يقولوا: آمنا، وهم لا يُفتَنون؟ ولقد فتنّا الذين من قبلهم. فليعلمنّ الله الذين صدقوا، وليعلمنّ الكاذبين}.
وبهذا تبقى قيمة الصدق ملازمة للإيمان الذي استقرّ في قلب المؤمن، فتظهر في حديثه، كما تظهر في تعامله مع ربّه ومع الناس، فلا تكاد تجد المسلم يكذب أو يأتي بما يتعارض مع إيمانه.
وقد أثنى النبي صلّى الله عليه وسلّم على الرجلين يبيع أحدهما من الآخر فيلتزمان الصدق. روى البخاري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: 'البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا، فإن صَدَقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما'.
وقال عبد الله بن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جدّ ولا هزل.
وأوصانا ربنا بصحبة الصادقين، فإن صحبتهم تُحبّب بالصدق وتُعين عليه.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}. [سورة التوبة: 119].
اللهم اجعلنا من الصادقين، واحشرنا مع الصادقين.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"




حين يكون الصدق قيمة عُليا
التربية على القيم الإسلامية في زمن الانفتاح
ابتسامة.. تبدِّدُ وَجَع الفَقد
الإنسان كما يريده القرآن ـ الجزء العاشر
توقّفت حرب غزّة، فماذا بعد؟!