ما الرأي بتسبيق الطالب صفاً؟
السلام عليكم..
مارأيك بتسبيق الصغير صفاً أو أكثر بالمدرسة؟ خاصة إن أبدى نبوغاً أو تفوقاً؟
وهل تترتب على ذلك الآثار السلبية؟
والجواب:
سأجيبك أولا بشكل عام:
أنا من الذين يؤمنون بأن المناهج المدرسية مدروسة بتعمق ودراية، وكتبها متخصصون فاهمون، وخبراء واعون فهي مفصلة على عقل الطالب وفهمه، ولا يجوز إرهاق الصغير بتسبيقه سنة أو أكثر. ومن مدة قريبة قرأت تقريراً يبين خطر ذلك على عقل الطفل وعلى نفسيته، وقد يؤدي للشعور بالنقص أو الإرهاق والمعاناة... وأقله إلى كره المدرسة.
ومن تجارب شخصية داخل العائلة ومع الأصدقاء، وجدت صدق هذا، فمن سَبَّقت أولادها عانت معهم في تدريسهم وفي حفظهم... وتعب صغارها كي يحافظوا على المستوى المطلوب من الدرجات. أما الأطفال الذين دخلوا المدرسة في عمرهم الطبيعي فكانوا أكثر استرخاء وانتاجاً، وأسرع فهماً وأقدر على متابعة الأستاذ، وكانوا يتفوقون ويأتون بالدرجات العالية دون أن يرهقوا أنفسهم.
كانت هذه المقدمة.
على أني لا أنكر أن لهذه القاعدة بعض الشواذ، فبعض الصغار سبقوا صفاً ونبغوا وتفوقوا ولم يعانوا أبداً من صعوبات في الدراسة؛ ولكن ما جدوى هذه العملية؟ ومن أجل ماذا العجلة؟
فأكثر الطلاب يتعثرون فيما بعد بالجامعات ويعانون من صعوبة القبول في الفروع التي يحبونها، ويخسرون سنة أو سنتين من عمرهم، فليخسروها في البداية أفضل من النهاية!
لأنهم حين يسبقون صفاً يخسرون مقابله الاستمتاع بالطفولة واللهو واللعب، ويكونون في ضغط دائم، ومحاصرة من الواجبات والدروس المتراكة. فلا أقل من أن نؤمن لهم الاستقرار النفسي.
ونأتي الآن للحالات الخاصة:
فبعض الأطفال "حالة متفردة"، وسألوني مرة عن طفل متفوق عن جدارة، وكان يستحق الترفع حقاً. فسألتهم: وهل هو كذلك في كل الأمور؟ أم فقط في التحصيل الدراسي؟ أقصد هل تلاحظون عليه في البيت أسئلة متميزة وسلوكا أكبر من عمره؟ وعمقا في التفكير؟ إذا كان كذلك فالموضوع يستحق الدراسة الجدية. وسؤال المختصين عن حقيقة قدراته، وعن الآثار المستقبلية لترفيعه صفاً.
وأنصح أهالي النوابغ بنصيحتين: نصيحة عامة، ونصيحة خاصة:
1- أما نصيحتي العامة: ألآ يُرفّع الأهل ابنهم صفاً إلا إذا ثبت نبوغه حقاً، ويرفعونه صفاً واحداً فقط، لكيلا يُرهق نفسيا حين يرى نفسه أصغر طالب في الصف، ولكيلا يناله الإيذاء من زملائه سواء بالكلام أو الأفعال. هذا عدا عن معاناته الشخصية؛ فالدراسة تبدأ سهلة ويتأقلم معها بسرعة، ثم تصعب كل فصل، وقد يعاني مستقبلاً حين تصعب المواد وتتعقد.
وإني أرى أن يستثمر الأهل نبوغ أولادهم في شيء آخر، فيوضع الصغير في دورات تنمي مواهبه وتستخرج أفضل ما لديه، وميزة الدورة أنها شهر وينقضي، وأنها تعنى بالاختصاصات، فتكون أقدر وأجدى في تغذية الموهبة والمحافظة عليها. ومن فوائد الدورات أنه يمكن إيقافها، أما قرار كبير "كتسبيق التلميذ" فمن الصعب التراجع عنه لو أثبت فشله، وقد يسبب الإحباط للصغير.
وأما النصيحة الخاصة: إذا ثبت حقاً تفوق أي صغير ورفعه أهله صفاً، فعليهم ألا يرهقوه أبداً بأي تنبيه أو تحذير، وليتركوه على راحته تماماً في الدراسة وكتابة الوظائف وكل المتعلقات، لكيلا يتعقد من المدرسة ويكره الدراسة والتحصيل.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن