فضل الابتسامة والكلمة الطيبة
قام الدين الإسلامي على أسس وروابط متينة تربط الأفراد بمجتمعهم وتجعلهم إخوة في الله متحابّين فيما بينهم متآلفين مع بعضهم البعض، وقد أوجد الإسلام كثيراً من العوامل التي تساعد على تعميق هذه الروابط وإدامتها.
فمن هذه العوامل التحبُب إلى الناس والانبساط إليهم ومداعبتهم وممازحتهم بالقول الحق ومحادثتهم بالكلمة الطيبة، وقد ثبتت هذه الأشياء عن النبي صلى الله عليه وسلم ﷺ، فقد كان النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم ﷺ يمزح مع الصحابة المزاح اللطيف الهادئ بين الحين والآخر، فهو قدوتهم وإمامهم فلو ترك الطلاقة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ الناس أنفسهم بذلك على ما في ذلك من مخالفة الغريزة من المشقّة والعناء، فمزح ليمزحوا وكان لا يقول إلا حقّاً.
وقد روى البخاري ومسلم وأبو داود والتِرمذي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله ﷺ يدخل علينا ولي أخٌ صغير يكنى أبا عمير. وكان له نغر- طير كالعصفور أحمر المنقار- يلعب به فمات، فدخل عليه النبي ﷺ ذات يوم فرآه حزيناً، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نغره، فقال ﷺ: يا أبا عمير ما فعل النُغير؟. وقد دعانا النبي ﷺ لإدامة البسمة على أفواهنا في وجوه إخواننا، وذكر ما لهذا الفعل القليل من أجر عند الله سبحانه وتعالى مع سهولته ويسره، وذلك في آثار كثيرة، منها:"لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق" رواه مسلم، و"تبسُمك في وجه أخيك صدقه".
فإنه لا يخفى ما لهذه البسمة من أثر في إيناس الآخرين وإدخال السرور عليهم ولما في ذلك من تحقيق الألفة بين المسلمين وإزالة الجفاء فيما بينهم. ويفهم من كلام النبي ﷺ أن المزاح الجائز هو الذي يكون حقاً، ويكون لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته لا المزاح الذي فيه إفراط ويداوم عليه لأنه يورث قسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى كما إنه يؤدي في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ويسقط المهابة والوقار.
وكذلك فإن الكلمة الطيبة عنصر مهم في إدامة المحبة بين الناس وزيادة الألفة فيما بينهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلُكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: "وإن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات" رواه الإمام أحمد والبخاري.
فاحرصي أختي المسلمة على التخلّق بأخلاق النبوة، وليكن لك في رسول الله ﷺ صلى الله عليه وسلم ﷺأسوة حسنة كما كان للصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وكوني بين أخواتك باسمة الثَغر معطِرة المجالس بكلامك الطيب النافع.
هدانا الله جميعاً إلى ما يحبّ ويرضى وإلى ما يجمع القلوب ويفضي إلى المحبة الصادقة.
العدد17 –جمادى الأولى 1417هـ /أيلول وت1 1996م
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن