صفات الرجولة الأساسية وطرق تنميتها
1- الرجل صاحب مبدأ وثابت على الحق في المُحْكمات والمسلَّمات، والرجل "لَيِّن" في المشتبهات (التي لا تخالف العرف ولا الشرع)، وإذا تعدَّد الصواب اختار الأيسر والأنسب، و"مرِن" في المتغيِّرات، فيكيِّف نفسه، وقد يضطر لتبديل خططه؛ لأن "الأحكام تتغير بتغير الأزمان".
وليس الرجل "الذي يثبت على كلمته ولا يغيرها" كما يعتقد الناس؛ فالرجل بشر قد يقول الكلمة ويندم، أو يعطي وعدًا ثم يجد نفسه عاجزًا عن الوفاء به أو تتغير ظروفه، أو قد يتسرع ويقول ما هو خطأ أو ما يتعارض مع مصلحة أخرى، أو يقول الكلمة ثم يطَّلع على تفاصيل خافية ما كان يعرفها، فهل يمضي في "فعله الخاطئ"؛ فقط "لأنه قال"؟!
"الرجل" لا يُصرُّ على الباطل ولا يتعنَّت، بل يثبت على الحق أينما وجده، ويمشي على أحكام دينه، ويحافظ على قيمه ومبادئه، ويُؤثِّر ولا يتأثر، ولا يبيع ضميره وخلقه بالمال، ويفي بوعده، ولا يخضع للمساومات، ولا تميل به المغريات، ولا يستعمل الأساليب المحرَّمة ولو كانت غايته نبيلة؛ فلا يكذب ولا يغش ولا يربو.
"الرجل" لا يكون إمعة (تأخذه كلمة، وتعود به كلمة)، ولا ينساق مع الآخرين، وكم تُصادفنا أمثالُ هذه المواقف في حياتنا، فنرى الغش (في الامتحانات)، أو الربا (في القروض)، أو الرشوة (في بعض الدوائر)، أو أكل أموال الناس بالباطل (فيأخذ ما تبقى من قروش لجيبه، أو يأكل ويشرب أثناء التسوُّق ولا يدفع أجر ما استهلكه، أو يعتبر ممتلكات الحكومة مباحة فيركب بالحافلة الحكومية مجانًا)، كل هذه المحرَّمات وغيرها في متناول أيدينا (وفي مقاربتها تيسير وتحقيق عاجل لمصالحنا)، وكلما تجلَّدنا وصمدنا ضدها، أعطينا أولادنا درسًا صادقًا في الثبات على الحق.
2- الرجل حليم "لا يغضب":
يعلِّلون حجب المرأة عن "القوامة" بكونها "سريعة الانفعال" وتغضب لأتفه سبب وتطلق الرجل، ويتفاخرون بقولهم: "يتميز الرجل بغلبة عقله على عاطفته"، هذا ما يُشاع! والواقع يخالفه؛ وكم رأيت رجالاً يتحلَّون بالصفة التي ينتقصون من المرأة لأجلها "سرعة الانفعال" ثم "الغضب"، وكم طلَّق الرجال زوجاتهم بسبب غضب لا مبرر له.
ويكره الرجال التشبه بالنساء، ويبالغ بعضهم (حتى ليأنف من التشبه بالصفات الأنثوية الحلوة المأمور بها شرعًا؛ كالعاطفة والرحمة)، ثم يتشبه بصفة قادحة يلصقها بهن زورًا (متناسيًا أنها صفة خارجة عن الإرادة وطارئة ولأيام معدودة بسبب الدورة) ويبيح الغضب لنفسه وهو قادر على لجْمه!
وإني لأسمع الأمهات يقلن لأبنائهن: "الرجال لا يبكون" وكأنها القاعدة الذهبية للدلالة على الرجولة، والحقيقة "الرجال يبكون"! لكن: "الرجال لا يغضبون ولا يثورون"!
هل تعرفين لماذا؟
لأن الغضب يُذهل العقل، ويطيش بالحكمة، ويَذهب بالفطنة، ويجعل المرء متوترًا مشوشًا فاقدًا لأعصابه، والرجل لا يفقد اتِّزانه، والرسول بكى أمام صحابته وفي مواقف عدة، ولم ينهَ الناسَ عن البكاء، ولكنه لم يغضب، وشدَّد في النهي عنه: ((لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)).
وإن من أبرز الصفات الرجولية: "التعقُّل، والاتزان، ولجم الانفعال"، وأنا من الذين يرون "العصبية صفة مكتسبة" وليست طبعًا أصيلاً، وبالتالي يمكن التخلُّص منها بسهولة؛ فلا تصدِّقي أن ابنك الصغير يفقد أعصابه ولا يشعر بنفسه! نعم قد يلفه الحزن، أو يسيطر عليه النعاس؛ فيتصرف بعصبية، وهذا يحدث لكل طفل، وبلا استثناء، أما الطفل الذي يصرخ إذا لم يعجبه الطعام أو لم تستجب أمه لطلباته، فهذه "وقاحة وقلة أدب"، بل هذا "عقوق"، وليس عصبية خارجة عن الإرادة؛ والدليل في سلوك الأطفال أنفسهم، وانظري حولك: تجدين أكثر الأطفال (الذين يتصرفون بعصبية) يهمدون إذا دخل عليهم من يهابونه (كالمدير أو الأب) ويتوقفون فورًا عن السلوك السيئ! الأمر الذي يدلل على دلعهم وطمعهم في عاطفة أمهاتهم؛ فلا تسكتي لابنك إذا غضب، واطلبي منه التوقُّف فورًا عن الصراخ والشتم وعن كل مظاهر الغضب، أمسكِيه بقوة وقولي بهدوء وبكلمات قوية: "كُف.. توقف.. وفورًا"، ومُرِيهِ بالتعبير عن مطالِبه بالحسنى، وليتصرف بهدوء، ثم يرضى بالنتائج مهما كانت.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة