هو وهي.. في العمل
قال الله تعالى:﴿وقرن في بيوتكنّ﴾ وفي هذا أمر للنساء بالبقاء في منازلهن لأنه الأفضل لهنّ فلا يؤذين، ومع هذا فقد أباح الشارع لهن الخروج للضرورة كالدعوة إلى الله، وصلة الرحم، وطلب العلم، والعمل في مؤسسة إسلامية.
وبما أن تلك المؤسسات تقوم على الرجال قبل النساء، فإن ذلك قد يؤدي إلى اختلاط الجنسين الملتزمين بشرع الله في أماكن العمل. ولذلك فلا بد من مراعاة بعض الضوابط لتجنُب الوقوع في الحرام بسبب أمرﹴ إنما بدئ به لإرضاء الله تعالى.
وتنقسم هذه الضوابط إلى قسمين، فمنها ما يتعلق بمكان العمل نفسه، والآخر يتعلق بسلوك الأشخاص العاملين.
الضوابط المكانية:
• ينبغي أن تكون غرف النساء منفصلة عن غرف الرجال بحيث لا يدخل أي من الجنسين على الآخر. فبالاستطاعة تفادي الدخول على الجنس الآخر لإعطاء ملف مثلاً بتعليق حاضن للملفات والأوراق على الباب أو الحائط بجانب الغرفة بحيث يوضع فيه كل ما يحتاج لتسليمه للطرف الآخر. وإن احتيج لإعطاء التعليمات أو لطلب أمور هامة، فلتكتب على ورقة ولترمى في غرفة الآخر عن طريق شقٍ في الباب يؤدي إلى حاضن للرسائل- معلقﹴ على الباب تحت الشِق- بعد قرع جرس خفيف لتنبيه الآخر بأنّ ورقة هامة قد وصلت للتوّ، وعليه الاطلاع عليها. وإن احتيج لمناقشة بعض الأمور فليتمّ هذا الأمر عن طريق خط تلفوني داخلي خاص بالمؤسسة أو عن طريق هاتف داخلي (interphone ) بين الغرفتين، مع مراعاة بعض الضوابط السلوكية المذكورة لاحقاً.
• أما إذا تعذّر فصل الرجال عن النساء في غرفتين منفصلتين كأن يعمل الجميع في غرفة واحدة كبيرة، فلتكن مكاتب النساء في جانبﹴ من الغرفة ومكاتب الرجال في الجانب الآخر وليفصل بينهما حاجز خشبي بارتفاع قامة شخص على الأقل، ولتؤخذ جميع الاحتياطات اللازمة كالمذكورة سابقاً لمنع الاختلاط.
• وإن كانت المؤسسة تفتح وتقفل في أوقات محددة فليجعل ميعاد قدوم النساء بعد نصف ساعة من ميعاد قدوم الرجال، وميعاد خروجهن قبل نصف ساعة من ميعاد خروجهم، ولينضبط الجميع بالمواعيد المحدودة لمنع الاختلاط عند الدخول والخروج.
• وفي حالات ينبغي أن تكون نادرة، قد يتقابل الطرفان لسبب ما، وعندها فلا بدّ من مراعاة الضوابط التالية..
الضوابط السلوكية:
• أهمها ما يتعلق بالنساء من عدم التعطر، وعدم الخضوع بالقول- أي الكلام بغنج ودلال، والالتزام باللباس الشرعي الساتر لجميع الجسد، الفضفاض، الداكن اللون، وغير الشفّاف، وذلك لأن عدم الانضباط بهذه الأمور هو أول سبب لافتتان الرجال بالنساء.
• وهنالك أمور أخرى لا تقلّ أهمية عمّا ذكر سابقاً، ولكنها تتعلق بالجنسين معاً مثل غضِ البصر، الجدية وعدم المزاح، الإيجاز في الكلام، فلا يقال إلا الضروري المتعلق بالعمل ليس إلا، خفض الصوت، عدم الخلوة، فلا بد أن يوجد شخصاً زائداً مع الموظّف والموظفة إذا التقيا في إحدى غرف المكاتب لأنه "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما"، احترام الغير، والمحافظة على هدوء الأعصاب مهما تكاثف العمل وكثرت المشاغل.
• وهناك أمران آخران يتعلقان بالرجال فقط- والله أعلم- وهما:
- لبس قميص طويل وإسباله فوق السروال، فهو أستر لهم وأفضل.
- عدم الإكثار من العطر- إذا ما تعطّروا. وذلك أن العطور أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت محدودة ومعروفة، فمئات الرجال يضعون نفس العطور، فلا مجال للنساء أن يفتتنّ برائحة يشممنها في حلِهنّ وترحالهنّ. أما هذه الأيام، فهناك المئات من العطور الجميلة التي لها من التأثير على النساء ما لعطور النساء من تأثير على الرجال، وكثيراً ما يمر الشاب تسبقه رائحة عطره الفواحة، فتشعر المرأة بفضول يدفعها إلى النظر إلى صاحب هذا الذوق الرفيع في اختيار العطر فتخالف أمر ربها بغض بصرها، وقد تعجب به فقط لإعجابها بعطره، وكل هذا يفتح باباً للشيطان- وهو ما نبذل جهدنا للابتعاد عنه.
تلك كانت أهم الضوابط التي ينبغي على شبابنا وشاباتنا الملتزمين مراعاتها إذا ما عملوا معاً في مؤسسات إسلامية. وخصصنا بالذكر المؤسسات الإسلامية لأن الضوابط المكانية السالفة الذكر هي مسؤولية القيّمين على المؤسسة وليس الموظفين في معظم الأحيان.
هوامش
العدد 18 –جمادى الآخرة 1417هـ ت 1 وت2 1996م
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن