من المسؤول عن فشل الحياة الزوجية؟
لم تزل العلاقات الزوجية وما يتخللها من ودّ وألفة واحترام، أو مشاحنات وتعاسة وفراق، وما يعقب ذلك كله من نتائج تعود بالسلب أو بالإيجاب على المجتمعات المسلمة... هي محطّ أنظار الباحثين الاجتماعيين وعلماء الإسلام وغيرهم من حملة الأقلام التي تعنى بأوضاع المجتمعات بشكل عام، إذ يعمد كل هؤلاء إلى رصد الأسباب المؤدية إلى ديمومة الحياة الزوجية واستمرارها، أو يعمدون إلى حصر العلل والأسباب التي تفضي في كثير من الأحيان إلى الفرقة والشَتات بين الزوجين بل وتجعلهما فريقين يتخاصمان ويتقاضيان!! وفي هذا التحقيق كان محور السؤال ومضمونه: من المسؤول عن فشل الحياة الزوجية.. هل هو الرجل؟ هل هي المرأة؟ هل هما معاً؟ هل ثمة أسباب أخرى تكمن وراء الأسباب الظاهرة المألوفة والتي تؤدي في كثير من الحالات إلى الفشل والفراق؟
قلّة وعي المرأة
• في البداية كان لــ "منيرة غنّام" (مدرِسة مواد شرعية).. رأي خاص تتّهم فيه المرأة بتحمُل الوزر الأكبر إذا انهارت حياتها الزوجية، وتعلِل السبب فتقول: إن امرأة كهذه لم تتلقَ من الأساس تربية إسلامية سليمة تؤهلها للقيام بمهام بيت الزوجية على أكمل وجه.. كل ما في الأمر أنها تتزوج لأن الزواج عرف وتقليد سائد!! وتتزوج قبل أن يفوتها قطار الزواج!! أما كيف تتعامل مع زوجها وكيف تربي أطفالها حين تنجب فهذا بعيد عن وعيها وتفكيرها طالما أنها قد أعدت العدّة لبيت الزوجية من فراشﹴ وأثاث وتحف وزينة!! ولكن نستطيع القول: إن هناك استثناءً من تلك القاعدة حيث نجد الآن فئات من النساء أصبحن واعيات مقبلات على التزود بالثقافة الإسلامية فيما يخص الحياة الزوجية بوجه خاص.
البعد عن المنهج الإسلامي
• الدكتورة أريج مفتي (طبيبة) تقول: السعادة ليست للزوج والزوجة فقط.. وإنما السعادة يجب أن يشعر بها كل مسلم ومسلمة.. وتضيف: كلما ابتعدنا عن منهج الإسلام كلما بعدت عنا السعادة وكلّما تقرَبنا منه ازدادت لدينا.. نشعر بها تلامس شغاف قلوبنا.. تشدّنا الحياة بمسؤولياتها الجسيمة فنحاول أن نخفف عن أنفسنا فنسرع بالهرولة إلى الله.. إلى الوقوف بين يديه.. إلى مناجاته.. فنشعر بالسكينة تلامس قلوبنا من جديد.. وهذه المشاعر الطيّبة من وجهة نظري هي السعادة بعينها.
فقدان روح الدُعابة
• أما أم فاطمة (زوجة) فتقول: أستطيع أن أؤكد لك أنه إذا توفرت روح الدُعابة عند أحد الزوجين فذلك من شأنه أن يعمل على ترطيب الأجواء المتوترة بسبب المسؤوليات الملقاة على عاتقي الرجل والمرأة في الحياة الزوجية. وهذا سوف يؤثر على العلاقة الزوجية بالإيجاب ويمنحها شيئاً من السعادة، وكلنا يعلم أن رسول الله كان يمازح مع أصحابه وأهل بيته ليدخل عليهم شيئاً من السرور ولنا فيه أسوة وقدوة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
• ووافقتها في الرأي خالدة أحمد وأضافت تقول: في بعض الأحيان يكون الزوجان مسؤولين معاً عن فشل حياتهما الزوجية فقد تتشدد الزوجة وتنحاز لرأيها وتعتقد أنها على صواب. وفي نفس الوقت يتمسك الزوج برأيه أيضاً، وذلك عند مناقشتهما أمراً معيّناً يخص حياتهما الزوجية.. هذا التعنُت قد يؤدِي إلى فجوة بين الزوجين. وفي رأيي أنه لا بد أن يكون هناك نوع من المرونة عند مناقشة الأفكار بين الزوجين وبالأخص فيما يتعلق بحياتهما الخاصة.
سوء طباع الزوج
• السيدة (م.هــ) تضيف إلى الآراء السابقة قصة أخرى حكتها فقالت: إنني أمِ لخمسة أولاد، (مطلًقة). زوَجني أبي وأنا صغيرة.. بل قولي إنه "باعني" بالمال لزوجي!!
بعد الزواج اكتشفت أن طباع زوجي منفّرة، يشرب الخمر ويسكر فضلاً عن أنه يشتمني وكلما شكوت لوالدي سوء حالي أمرني بعدم الشكوى.. ولم يكن لي من بدّ سوى الصبر والتحمّل لأجل الأولاد، ولكن الأذى طال أولادي أيضاً فنفذ صبري وضعفت قدراتي على التحمل والبقاء في معيّة هذا الرجل، فطلبت الطلاق وحصلت عليه. وأنا الآن مرتاحة البال لا ينغِص عيشي سوى سؤال الأولاد عن أبيهم.
ضعف الرابطة الروحية
• وتلخّص لطيفة الرحماني (بكالوريوس تربية) رأيها الخاص حول العلاقة الزوجية في عبارات موجزة فتقول: العلاقة بين الزوجين ليست علاقة مادية حسِية كحال كثير من العلاقات الزوجية في هذه الأيام.. فنجاح هذه العلاقة أو فشلها ليس متوقِفاً على الرجل أو المرأة إنما تتوقف على ارتفاع مستوى "الرابطة الروحية" أو انخفاضها في العلاقة بين الزوجين.
فكلما تجردت العلاقة الزوجية من حدودها المادية والحسية الظاهرة وحلّقت في أبعاد أخرى روحية أكثر رحابةً وسعة كان ذلك أدعى لاستمرار الحياة الزوجية واستدامتها.
عدم إيثار الشريك
• أما ختام هذه الحوارات فكان مع إيمان مرتضى (باحثة اجتماعية) حيث كان لها رأي آخر مشابه للرأي السابق. تقول: من مجمل الحكايات التي نسمعها عن الخلافات الزوجية، هناك قصة واحدة معادة ومكرَرة ولكنها تروى على أوجه وأشكال مختلفة.. فالزوج يريد هذا الشيء والزوجة لا تريده أو العكس.. هذا الشيء قد يختلف من بيت لآخر، أما الخيط الذي يجمع تلك القصص التي تبدو مختلفة ويوسع دائرة الشِقاق بين الزوجين هو عدم الرغبة في إيثار الشريك على نفسه ومحابِه!!
الشَراكة الزوجية لا يمكن لها أن تدوم على هذا الحال.. هنا لا بد من تقديم تنازلات.. التنازلات التي تنصهر في بوتقتها رغبات الزوج والزوجة حتى تؤول إلى حالة من التمازج والانسجام الكامل بشكل يضفي على الحياة الزوجية نوعاً من الارتقاء الروحي والسُموّ النفسي بالمشاعر والأحاسيس بين الزوجين ومع هذه الحالة المعنوية العالية محال أن تنفكّ عرى الزوجية بينهما إذا شاء الله وقدّر.
العدد 35 – ذو الحجة 1418 / نيسان 1998
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة