بمناسبة ليلة القدر
كتب بواسطة الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله- مع الناس.
التاريخ:
فى : المقالات العامة
555 مشاهدة
بمناسبة ليلة القدر
الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله- مع الناس.
ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر؟! إنَّ الحديث عنها مُتَعَدِّد الجوانب:
أمَّا قَدْرُها ومكانَتُها؛ قد نَوَّه القُرآن عن ذلك (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3]،وعن خصائِصِها فقد أشار القرآن إلى اختِصاصها بإنزال القرآن، وبتفضيلها على ألف شهر، وتَتَنَزَّل الملائكة والرُّوح فيها، بإذن ربهم من كل أمر؛ أي من أمور القدر على العباد، وما يُقَدّره الله في تلك الليلة المنصوص عليها فيقوله: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان4].
أمَّا قَدْرُها ومكانَتُها؛ قد نَوَّه القُرآن عن ذلك (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3]،وعن خصائِصِها فقد أشار القرآن إلى اختِصاصها بإنزال القرآن، وبتفضيلها على ألف شهر، وتَتَنَزَّل الملائكة والرُّوح فيها، بإذن ربهم من كل أمر؛ أي من أمور القدر على العباد، وما يُقَدّره الله في تلك الليلة المنصوص عليها فيقوله: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان4].
أمَّا فضائلها: وهو ما يَعْنينا في التكليف والعمل، فقد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعتكف من أجلها، ويكفي مِن فضائلها أنَّ مَن قامَهَا، فَكَأَنَّمَا قام - أو خير مِن قيام - ألف شهر؛ أي أكثر مِن ثمانينَ سَنَة، وهو عمر من أطول أعمار هذه الأمَّة.
ونَحنُ - معاشرَ المسلمين - إذ نذْكُر هذه الليلة في حياتِنا، وخصائِصَها في دينِنا، لحقٌّ علَيْنا أن نُفاخرَ العالم، ونُطاوِل الأمم، حيثُ إنَّها لم تكنْ للأمم قبلَنا، وإن صاموا كما نصوم.
وما أجدرنا أنْ نَتَحَرَّى هذه الليْلة الَّتي رَبَطَنا الله فيها بوَحْيِ السماء، والتي يُجَدِّد فيها القدر أقدار العباد، والتي تعلن وتدعو للسلام حتى مطلع الفجر.
إنَّها ليلة لا يعرف حقيقة قدْرِها إلاَّ الله، ليلة استضافةِ الأرض لِمَلائكة الملأ الأعلى، ليلة تلقى الأرض فيه بركات السماء، ليلةٌ تَتَفَتَّحُ فيها الأبواب لاستجابة الدعاء، ليلةٌ يَتَضَاعَف فيها ما لله - سبحانه - من عُتَقاء، ليلةٌ يُشَمَّر فيها عن ساعد الجِدِّ والاجتهاد، ويُطْوَى فيها الفراش والمهاد، وتُشَد فيها المآزر، ولا يَنْبَغِي فيها الرقاد، ليلةٌ في العام كلِّه.
أمَّا موقعها: فقد أخْفَاهَا الله ليجتهدَ فيطَلَبِها العباد، وكان - صَلَّى الله عليه وسلم - في بادئ الأمر يعتكف العشرالأوائل من أجلها، ثم اعتكفَ العشر الوسطى[1]، ثم أُتِيَ فقيل له: إنَّها أمامه؛ أي في العشر الأواخر، ثم جاءت أحاديثُ كلُّها صحاح، بعضها يُعينُ ليلة إحدى وعشرين، وبعضها ثلاث وعشرين،وبعضها خمس وعشرين، وأخرى لسبع وعشرين - وهي أكثرها وأكثر قائل بها - وبعضها تسع وعشرين[2]، واتَّفَقُوا على أنَّها لا تَخْرُج عن ليالي الوتر من العشر الأواخر لهذه النصوص، وعند بعض العلماء جمعًا لهذه الأحاديث أنَّها ليستْ مُستَقِرَّة في واحدة من تلك الليالي، وإنَّما هي دائرةٌ بينها، ففي سنة تكون مثلاً في ليلة سبع، وفي سنة أخرى قد تكون في ليلة خمس، أو ثلاث وهكذا، ومن هُنا كان - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي أخبر عنها بكل هذه الأحاديث - كان مع ذلك يعتكفُ العشر كلها رجاءَ مُصَادفتها وتعليمًا لنا.
والسُّؤال الأخير عنها: ماذا ينبغي لِمَن صَادَفَها، أو ظَنَّها أن يفعلَ؟
لقدسألتْ أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - هذا السؤال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجَابَهَا بقوله: ((قولي: اللهمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ، تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني))[3]، وبتأمُّل هذا الدعاء نجده من جوامع الكلم؛ لأنَّه أوَّلاً تَوَسُّلٌ إلى الله تعالى بصفته التي تناسب المطلوب، وهو "عَفُوٌّ"، وامتداحه بها "تُحِبُّ العَفْوَ"، ثم طلب العفو وهو جامع لخيري الدنيا والآخرة، معافاة البدن منَ الوَجَع، والدِّين منَ البِدَع، ومَن عُوفِيَ فلْيَحْمَدِ الله، أمَّا في الآخرةفمَن عُوفِيَ من الحساب والعقاب، فقد فاز بِحُسْن المآب.
[1]أخرجه البخاري (2016)، وليس فيه ذكر اعتكاف العشرالأول.
[2]انظر الأحاديث في: "تفسير ابن كثير" (4/726 – 730).
[3]أخرجه ابن ماجَهْ (3850)، والترمذي (3513)، وقال: حديث حسن صحيح.
ونَحنُ - معاشرَ المسلمين - إذ نذْكُر هذه الليلة في حياتِنا، وخصائِصَها في دينِنا، لحقٌّ علَيْنا أن نُفاخرَ العالم، ونُطاوِل الأمم، حيثُ إنَّها لم تكنْ للأمم قبلَنا، وإن صاموا كما نصوم.
وما أجدرنا أنْ نَتَحَرَّى هذه الليْلة الَّتي رَبَطَنا الله فيها بوَحْيِ السماء، والتي يُجَدِّد فيها القدر أقدار العباد، والتي تعلن وتدعو للسلام حتى مطلع الفجر.
إنَّها ليلة لا يعرف حقيقة قدْرِها إلاَّ الله، ليلة استضافةِ الأرض لِمَلائكة الملأ الأعلى، ليلة تلقى الأرض فيه بركات السماء، ليلةٌ تَتَفَتَّحُ فيها الأبواب لاستجابة الدعاء، ليلةٌ يَتَضَاعَف فيها ما لله - سبحانه - من عُتَقاء، ليلةٌ يُشَمَّر فيها عن ساعد الجِدِّ والاجتهاد، ويُطْوَى فيها الفراش والمهاد، وتُشَد فيها المآزر، ولا يَنْبَغِي فيها الرقاد، ليلةٌ في العام كلِّه.
أمَّا موقعها: فقد أخْفَاهَا الله ليجتهدَ فيطَلَبِها العباد، وكان - صَلَّى الله عليه وسلم - في بادئ الأمر يعتكف العشرالأوائل من أجلها، ثم اعتكفَ العشر الوسطى[1]، ثم أُتِيَ فقيل له: إنَّها أمامه؛ أي في العشر الأواخر، ثم جاءت أحاديثُ كلُّها صحاح، بعضها يُعينُ ليلة إحدى وعشرين، وبعضها ثلاث وعشرين،وبعضها خمس وعشرين، وأخرى لسبع وعشرين - وهي أكثرها وأكثر قائل بها - وبعضها تسع وعشرين[2]، واتَّفَقُوا على أنَّها لا تَخْرُج عن ليالي الوتر من العشر الأواخر لهذه النصوص، وعند بعض العلماء جمعًا لهذه الأحاديث أنَّها ليستْ مُستَقِرَّة في واحدة من تلك الليالي، وإنَّما هي دائرةٌ بينها، ففي سنة تكون مثلاً في ليلة سبع، وفي سنة أخرى قد تكون في ليلة خمس، أو ثلاث وهكذا، ومن هُنا كان - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي أخبر عنها بكل هذه الأحاديث - كان مع ذلك يعتكفُ العشر كلها رجاءَ مُصَادفتها وتعليمًا لنا.
والسُّؤال الأخير عنها: ماذا ينبغي لِمَن صَادَفَها، أو ظَنَّها أن يفعلَ؟
لقدسألتْ أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - هذا السؤال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجَابَهَا بقوله: ((قولي: اللهمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ، تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني))[3]، وبتأمُّل هذا الدعاء نجده من جوامع الكلم؛ لأنَّه أوَّلاً تَوَسُّلٌ إلى الله تعالى بصفته التي تناسب المطلوب، وهو "عَفُوٌّ"، وامتداحه بها "تُحِبُّ العَفْوَ"، ثم طلب العفو وهو جامع لخيري الدنيا والآخرة، معافاة البدن منَ الوَجَع، والدِّين منَ البِدَع، ومَن عُوفِيَ فلْيَحْمَدِ الله، أمَّا في الآخرةفمَن عُوفِيَ من الحساب والعقاب، فقد فاز بِحُسْن المآب.
[1]أخرجه البخاري (2016)، وليس فيه ذكر اعتكاف العشرالأول.
[2]انظر الأحاديث في: "تفسير ابن كثير" (4/726 – 730).
[3]أخرجه ابن ماجَهْ (3850)، والترمذي (3513)، وقال: حديث حسن صحيح.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة