شُبهة يدحضها الواقع!(1/2)
كتب بواسطة بقلم: سهاد عكيلة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1283 مشاهدة
"ليس بالضرورة أن يعمل المسلم في الحقل الدعوي ضمن إطار جماعي (الجمعيات والجماعات الإسلامية نموذجاً)..."!!
شبهة تطرح في بعض الأوساط وتجد لها سوقاً ورواجاً في الوسط الشبابي... وبعض من يطرحها أشخاص كانت لهم صلة بالعمل الجماعي المنظم ولأسبابٍ مختلفة ومتنوعة انتهى بعضهم إلى هذه القناعة وبنى عليها توجهاته، ومن هؤلاء من بدأ بترويجها والتنظير لها.
وقبل أن أقف عند أسباب وجهة النظر هذه، أعرضها على الكتاب والسُّنة، ثم على شواهد الواقع:
قال تعالى: (... وتواصَوا بالحق وتواصوا بالصبر)، (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير...) (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس...) (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)... ومعلوم أنّ مدلولات هذه الآيات لا تقف عند الأشخاص متفرقين، بل عند الجماعة المسلمة مجتمِعة...
وقال صلى الله عليه وسلم: "يد الله مع الجماعة" وفي رواية: "يد الله على الجماعة"، "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوّهم قاهرين، لا يضرّهم من خذلهم..." ولم يقل رسول الله: لا يزال أفراد من أمتي...
فهل تنسجم تلك الرؤية مع المنهج الإسلامي ومقاصده؟
ويأتي الواقع ليؤيد ذلك المنهج؛ فهل كان جهد انطلاق الصحوة الإسلامية مقصوراً على أفراد من هنا وهناك، أم كان عملاً جماعياً تراكمياً - له قيادة وجنود - شكّل بمجموعه تلك الصحوة؟ وهل جرَّبنا عملاً ناجحاً يحتاج إلى طاقات وجهود قد قام به أفراد متفرقون كلٌّ يغنِّي على ليلاه ويعمل وفق نظرته ومزاجيّته وهواه؟
فإذا حررنا هذه الشبهة نقلاً وواقعاً مشهوداً، عندها لِنسمِّ هذا العمل الجماعي ما شئنا: جمعية، جماعة، حزب، تجمع، تكتُّل، حركة، جبهة، تيار... التسمية هنا لا وزن لها، فالاعتبار للرسالة التي يحملها هذا التجمع البشري أو ذاك، وللهدف الذي يريد أن يصل إليه...
من هنا يتضح أن السبب الحقيقي لتلك القناعة لا ينبع من التسمية أو الشكل أو الإطار؛ فهنا - كما يقال - لا مُشَاحّة في الاصطلاح... وإنما يرجع إلى المضمون؛ فالعمل في جماعة له تَبِعات تتمثل في الالتزام والانضباط والانتظام والسمع والطاعة... وكل ذلك مما لا تستسيغه النفس البشرية بسهولة ويحتاج إلى تربية وتدريب وترويض حتى تستقيم عليه... وفي العمل الجماعي يتعامل الإنسان مع شخصيات وعقليات متنوعة قادمة من بيئات مختلفة تحمل طبائع شتى... وكل ذلك يتطلب أساليب معينة في التعاطي مع الناس كلٍّ بحسَبِه، ويحتاج إلى صبر ونفَس طويل؛ من هنا نفهم سر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"...
وللعمل الجماعي قيادة وتركيبة هرمية يخضع لها، وليس هذا يروق لكل من يريد العمل في الحقل الدعوي... وفي هذا العمل أساليب متّبعة وآليات معتمدة يضعها أشخاص في مواقع المسؤولية بهدف تيسير العمل الدعوي والارتقاء بأداء العاملين فيه، وهي تتبدل وتتغير بحسب متطلَّبات العصر ومستَحدثاته، وبحسب حاجات هذه الجماعة أو تلك، وتختلف الآراء بشأنها، وقد تكون في موضعها وقد يجانب بعضها الصواب؛ وقد تتفق الآراء بشأنها ضمن الجماعة الواحدة وقد تختلف، وقد تجد القَبول لدى البعض والرفض لدى البعض الآخر... فمن الناس من يتقبل الاختلاف ويعتبره ثروة ويتعامل معه بمرونة لأنه ضريبة طبيعية لتعاملات البشر فيما بينهم، ومنهم من يحوّل الاختلاف إلى خلاف ويضع العِصِيّ في الدواليب ويكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في عرقلة المسير... وللحديث صِلة... وعلى أمل اللقاء في العدد القادم بإذن الله.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة