شُبهة يدحضها الواقع! (2 من 2)
كتب بواسطة بقلم: سهاد عكيلة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1214 مشاهدة
أما عن الأصناف التي تتبنى الشبهة التي عرضتُ لها في العدد الماضي:
· فمنهم المتأثرون بالمناخ العام الذي يُشيعه أعداء الإسلام وأعداء العمل الإسلامي الحركي.
· ومنهم من تأبى نفوسهم تلقي الأوامر، أو الالتزام بالقوانين، أو التكيُّف مع تنوُّع وجهات النظر واختلاف الآراء.
· ومنهم مَن يفترض المثالية في الجماعة المسلمة فيحاسب قيادتها على كل صغيرة وكبيرة متناسياً عيوبه وأخطاءه، وقد يقع بعض هؤلاء على سقطات وأخطاء الأفراد، ويعمِّمها على الجماعة، ثم يشرع في التنظير: ينبغي أن تفعلوا كذا، وعليكم أن تغيِّروا في كذا وكذا... والمشكلة ليست في محاسبة القيادة والأفراد على السواء، فليس من أحد فوقها، وليست في المطالبة بالتغيير، فهي ضرورة حتمية لتطور العمل وتوسّع رقعته وانتشاره... وإنما في النظرة غير الواقعية في الحكم على الأمور، وفي افتراض السلامة من العيوب في نفسه، وفي افتراض الحق المطلق في رأيه!
· ومنهم من يعتقد أن العمل الجماعي يقيِّد الفرد ويحدّ من تطوُّره وانطلاقه.
· ومنهم من لا تطيق نفسه تَبعات العمل الجماعي من تلقي التكاليف وإنفاق المال وبذل الجهد والوقت.
وكل تلك المبرِّرات تقودنا للحديث عن طبيعة المنهج الإسلامي في ضبطه لعلاقة الفرد بالجماعة؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى الثلاثة في السفر أن يؤمِّروا أحدهم، أفلا يحتِّم ذلك على الجماعة المسلمة أن يكون لها أمير؟ ورغم أن تلميذه النجيب الملهَم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا إمارة، ولا إمارة بلا سمع وطاعة؛ فإن الكثيرين يؤمنون «نظرياً» بوجوب ذلك المبدأ، وبأنه عماد العمل الجماعي، غير أنهم يستثقلونه «عملياً»، وأحياناً يتناسَوْن أن الناس لا يزالون مختلفين في آرائهم، فلو أراد «الأمير» أن يأخذ بجميع الآراء على اختلافها وتضاربها حتى يُرضي جميع الأطراف، فهل يستقيم للجماعة أمر أم مآلها حتماً مع هذا التمييع إلى تفكك وانهيار؟ فلا بد إذاً من شخص مسؤول يحسم الخلاف ويتخذ القرار ويتحمل تَبِعة ما اتخذ. لذا يقول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: «اسمع وأَطِع في عُسرك ويُسرك ومَنْشطك ومَكْرهك وأَثَرةٍ عليك... إلا أن يكون معصية» رواه ابن حِبان في صحيحه، وكذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى من أميره شيئاً يكرَهُه فليصبر...» رواه مسلم.
أما الذين ينزعجون من الالتزام بذلك النظام فنسألهم: كيف تتقبّلون الالتزام بالقوانين في الدنيا: الوظيفة، المدرسة، الجامعة، الشركة... ولا ترتضُون ذلك في الدين؟
وسؤال آخر يفرض نفسه: كيف يستقيم أمرنا في العمل الفردي المبعثر وأعداؤنا يعقدون التحالفات الدولية للقضاء علينا، ويدأبون في الكيد للإسلام مجتمعين على اختلاف مَشاربهم وعقائدهم ومصالحهم؟!
ولمن لم يَعِ بعد، فإنّ الإسلام الذي يَخشَونه ويحاربونه ليس الإسلام «الفردي»... وإنما ذلك «الجماعي المنظّم» الذي يهدد مصالحهم ويقصم جبروتهم ويهدم بنيان كفرهم وطغيانهم ويفتح عقول الناس وقلوبهم لما جاء به من الخير والعدل ويعبّد لهم طريقاً إلى رضوان الله وجِنانه.
وللذين يحلُمُون بأن يكون لهم سهم في النصر القادم بإذن الله: هل سيشاركون في جولة الإسلام «للغلَبة الحضارية» فُرادى، أم سيلتحقون بقيادة؟ وبالتأكيد بأن التجربة الإسلامية الفلسطينية (غزة تحديداً) تُعطينا فكرة عن حتمية العمل ضمن إطار جماعي منظّم في سياق السعي لإعلاء كلمة الله.
وأختم بدُرّة من الدُّرر النبوية: «عليكم بالجماعة، وإياكم والفُرقة، فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، مَن أراد بُحبوحة الجنة فليلزم الجماعة» رواه الترمذي.
وبعد، فهل تحتاجون للمزيد من الأدلة على تهافت ذلك الادِّعاء؟
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن