يا "ملك ملوك أفريقيا".. إلى مزابل التاريخ bon voyage
تفاءلتُ كثيراً في مطلع الثورة الليبية، وخاصة مع إعلان مدينة بني غازي مدينة حرة من براثن القذاقي وعصابته، فسارعتُ لكتابة مقالة بعنوان "يا القذافي المخبول bon voyage " على غرار ما كتبته عن المجرم "شين الفارّين" و"الفرعون اللامبارك" معبّراً عن عجبي بسرعة سقوط هؤلاء الطواغيت الذين ساموا شعوبهم سوء العذاب، واستولوا على البلاد وجعلوها مزارع لهم ولأُسَرهم وحاشيتهم المنتفعة..
ولكن الله تعالى – لحكمة يريدها - أراد غير ذلك.. فلقد شهدنا مساراً جديداً للثورات العربية على يد الطاغية المجرم القذافي الذي أعلنها صراحة أنها سيحرق البلاد زنقة زنقة وداراً داراً.. فبالإضافة إلى أبنائه الفجرة وأفراد عصابته الذين رباهم على عينه لمثل هذه المهمة استجلب المرتزقة من كل حدب وصوب عبر جسر جوي – قناصين وطيارين ومتوحشين - ليفتكوا بالشعب الليبي الحر وينكلوا به ويغتصبوا حرائره ويقتّلوا ويعذبوا أحراره..
وفي هذه العجالة أنوّه لثلاثة أمور أراها من حِكمة تأخير نهاية الطاغية:
1- لقد منّ الله تعالى بذلك على الشعب الليبي الحر بشرف الجهاد في سبيل الله إعلاءً لكلمة الله تعالى وإزالةً لرجس الطاغوت المستبد وذلك بأن فتح لهم باباً من أكرم أبواب العبادة ألا وهو القتال والشهادة في سبيل الله. فهنيئاً للشعب الليبي الذي اصطفى الله تعالى منه الشهيد تلو الشهيد، بعد أن مُحّصت الصفوف وظهرت معادن الرجال فبان أن الليبيين من خيرة رجالات الإسلام، فلقد أدهشوا العالم وهم يجاهدون ببنادق بالية وأسلحة اخترعوها من غير خبرات عسكرية تُذكر أو إعداد طويل، بل لبوا نداء الواجب بما تيسر، وكان وقود المعركة الحقيقي هو التوكل والتضحية والإقدام، ولعمري إنه لنموذج في البشرية فريد وعجيب!!
2- بحجم التضحيات والجراحات والعذابات في الثورات يكون سقوط الطاغية مدوياً ومزلزلاً.. وتجني الشعوب الثمرة الحقيقة لغراس ثوراتها.. فلعل الله أراد بذلك أن يرينا سقوطاً ونهاية مغايرة لمن سبقه من الطواغيت..
3- إن نهاية الطغاة الهمجيين الذين أصرّوا على قتل شعوبهم وتدمير بلادهم بالطريقة التي انتهى بها الطاغية القذافي ستكون درساً بليغاً لمَن بعدَهم من الطواغيت، فهل سيرتدعون قبل أن يأتيهم الدور؟!
يا أحفاد عمر المختار! لقد قمتُم بما يُمليه عليكم دينُكم وواجبكم، وما تُمليه عليكم عزّتُكم ونخوتُكم.. بورِكَت سواعدكم، قوموا بحماية ثورتكم.. وسلموا الراية لِمَن بعدكم مِن الشعوب الإسلامية المقهورة.. فلقد وفَّيتم بوعدِكم حينما استلهمتم شعارَ ثورتكم المباركة مِن كلمةِ الشيخ المجاهد عمر المختار - رحمه الله - : نحن لا نستسلم..ننتصر أو نموت..
أما إلى مَلِك ملوك أفريقيا المجرم، مبدّل شرع الله، نقول:
إلى مزابل التاريخ.. bon voyage.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن