مصر بين النفور الخليجي والتودد الإيراني
السياسة الإيرانية في المنطقة مثل البكتيريا الضارة لا تنمو إلا في المناخ الملوث. تلوثت العلاقات المصرية - الخليجية قليلا بعد انتصار الإسلاميين في الانتخابات الرئاسية المصرية وخوف حكومات الخليج من تصدير فكر الثورة إلى بلدانهم فأطلت البكتيريا الإيرانية برأسها، وهذه المرة عبر زيارة وزير خارجيتها، وتلوثت علاقات حماس بالخليج بسبب تداعيات أزمات الخليج المتتابعة وتفضيل الأولى التعامل مع فصيل فتح، فنمت البكتيريا الإيرانية في الجسد الفلسطيني، ومن خلال أكبر الفصائل الفلسطينية وأشدها امتدادا، وتلوث الجو اللبناني بصراعاته الطائفية فتمددت أخطر أنواع البكتيريا في الجنوب اللبناني، وتلوث الجو بين بعض التيارات الإسلامية وحكوماتها، مثل حركة النهضة في تونس و«الإخوان» في عهد مبارك، فحاولت إيران أن تتغلغل بآيديولوجيتها الشيعية في بلدين، المسلمون فيهما 100 في المائة سُنة.
وكما أن البكتيريا قد تضعف مع نظافة الجو وتعقيمه فكذلك السياسة الإيرانية، فقد اعتراها الضمور والوهن بسبب الثورة السورية، فثورة شعب سوريا الباسلة أمست «المعقم» الأقوى الذي فتك بكل الجراثيم التي أفرزتها البكتيريا الإيرانية، مثل جرثومة «الممانعة»، وجرثومة «نصرة المستضعفين» وجرثومة «الطائفية»، وجرثومة «الوحدة الإسلامية»، وبسبب هذا الإنهاك القوي للبكتيريا الإيرانية فإن السياسة الإيرانية وجدت في الجو الملوث بين القاهرة وبعض الدول الخليجية فرصة للنمو والتكاثر، لكن فرصتها هذه المرة أضعف بكثير، فالثورة السورية وبسبب جرعة التعقيم القوية جعلت البكتيريا الإيرانية تبدو ذابلة وهي تنتقل، عبر وزيرها والمسؤول الأول عن تمددها وتكاثرها، بين قصر الاتحادية في القاهرة، إلى مشيخة الأزهر، حتى إن شيخ الأزهر أسمع وزير البكتيريا الإيرانية والمسؤول الأول عن تمددها في العالم ما لم يكن يسمعه من شيخ الأزهر في أزمان ماضية، فتحدث معه بلغة صريحة عن معاناة أهل السنة في إيران وعذاباتهم التي لم يعد ينفع معها اللغة الدبلوماسية، وفاتحه حول التبشير الشيعي في مصر ذات النسيج العقائدي المتناغم، وكاشفه حول ضرورة تجريم الحكومة الإيرانية لسب الصحابة وبلغة صريحة.
إن البكتيريا الإيرانية، كما أشرت آنفا، تقوى وتضعف حسب نظافة أو تلوث البيئة، وهذا يعني أن خطر نشاطها وارد في أي لحظة، وبكل شفافية أقول إن في الخليج فئات تعمل، من غير قصد، على تهيئة المناخ الملائم لتكاثر البكتيريا الإيرانية وكل الجراثيم المتولدة منها، وذلك من خلال «تأزيم» الأجواء مع دولة محورية ومؤثرة مثل مصر. إن محاولة بعض وسائل الإعلام الخليجي تشويش الأجواء داخل مصر بحجة إضعافها سياسيا واقتصاديا حتى تنشغل بمشكلاتها الداخلية من شأنها أن تهيئ مناخا فاسدا للبكتيريا الإيرانية. كان على الإعلام الخليجي أن يدفع بسياسة الرئيس مرسي المناكفة للسياسة الإيرانية إلى الأمام بدلا من التشكيك فيها.
لقد أثبتت زيارة وزير الخارجية الإيراني صالحي لمصر أن السياسة الإيرانية هي الأطول بالا والأبعد نظرا، فمع أن الرئيس مرسي وبّخ السياسة الإيرانية في سوريا في زيارته الأولى لإيران وفي عقر دارهم، ونزع الشرعية من حليفهم بشار وأدان جرائمه الوحشية، وقال إن أمن الخليج خط أحمر وهو يعني الخطر الإيراني، فإن الإيرانيين كظموا غيظهم وتناسوا تصريحات الرئيس مرسي وبدأوا نشاطا دبلوماسيا يهيئ موطئ قدم للنفوذ الإيراني الذي تضرر بسبب الثورة السورية، تخلى الخليج عن احتواء حماس فتلوث الجو فأصابتها البكتيريا الإيرانية. لا تتخلوا عن مصر حتى لا تعاود البكتيريا نشاطها الخطير.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة