أطفال الصحابة... والجهاد
كان صبيان الصحابة -رضي الله عنهم- يتسابقون في الخروج إلى الجهاد وكان الآباء والأمهات يدفعن بصبيانهن إلى المعارك والجهاد وكان الكل يتحايل لينال شرف الجهاد.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "عُرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني، فعُرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمس عشرة فقبلني".
وقال سعد بن مالك (أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد، وأنا ابن ثلاث عشـرة ســنة، فجعل أبي يأخذ بيدي، فيقول: يا رسول الله إنه عَبْلُ العِظام، وإِن كان مؤذناً - أي قصيراً- فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصعِّدُ فيَّ بَصَرَهُ ويُصَوّبُه، ثم قال: (رُدَّه)، فَرَدَّني فخرجنا نلتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل من أُحُد، فنظر إِليَّ فقال: (سَعْدُ بنُ مالك؟) قلت: نعم، بأبي وأمي، فدنوت فقبَّلتُ ركبتَه فقال: (آجرك الله في أبيك) وكان قتل يومئذ شهيداً.
وعن الإمام الشعبي أن امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف فلم يطق حمله فشدته على ساعده بِنِسعَة ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هذا ابني يقاتل عنك!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي بُني احمل ها هنا، أي بُني احمل ها هنا، فأصابته جراحة فصُرع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أي بُني لعلك جزعت؟) قال: لا يا رسول الله.
وهذا رافع بن خديج رضي الله عنه يحاول الجهاد يوم بدر فيرده رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعده بتعلم الرمي، ويحضر أحد فيرده الرسول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه ثم يجيزه لمّا أخبر أنه رام... عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: جئت أنا وعمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد بدراً فقلت: يا رسول الله إني أريد أن أخرج معك فجعل يقبض يده ويقول: (إني أستصغرك ولا أدري ما تصنع إذا لقيت القوم). فقلت: أتعلم أني أَرمى من رمى؟ فردني فلم أشهد بدراً. وذهب رافع رضي الله عنه إلى حقول الرمي يتدرب فيها حتى أصبح ماهرا في أقل من سنة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد حَضَر رافع بن خديج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره وقال: (هذا غلام صغير وهم بردّه) فقال له عمه ظهير بن رافع: يا رسول الله إن ابن أخي رام , فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم , فأصابه سهم في صدره أو نحره فأتى عمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن أخي أصيب بسهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن تدعه فيه فيموت مات شهيداً).
قال عبد الله بن حسين: وحدثتني امرأته أنها كانت تراه يغتسل فيتحرك في صدره.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار فمر به غلام فأجازه في البعث وعرض عليه سمرة بن جندب فردّه صلى الله عليه وسلم فقال سمرة: لقد أجزت هذا ورددتني ولو صارعتُه لصرعته قال صلى الله عليه وسلم: (فدونكه) فصارعه فصرعه سمرة فأجازه صلى الله عليه وسلم.
وردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد عدداً من صبيان الصحابة بعد أن خرجوا في جيش المسلمين منهم أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وعمرو بن حزم، وأسيد بن ظهير، وعرابة بن أوس ورجل من بني حارثة وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت وجعلهم حراسا للذراري والنساء بالمدينة , ثم أجازهم يوم الخندق، وهم أبناء خمس عشرة سنة.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إلى بدر يتوارى!!!. فقلت: مالك أخي؟ فقال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة!!. قال: فعُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره فقال: ارجع. فبكى عمير فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سعد: فجعلت أعقد له حمائل سيفه من صغره.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أُصِيبَ حارثةُ يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمُّه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله، قد عرفت منزلةَ حارثة مني، فإنْ يَكُ في الجنة أصْبِرُ وأحْتَسِبُ، وإن تَكُ الأخرى ترى ما أصنع!! فقال صلى الله عليه وسلم: (ويحكِ - أو هَبِلْتِ- أوَ جَنَّة واحدة هي؟ إنها جِنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس الأعلى).
قال الفقهاء: الصبيان إذا قدروا على القتال يجوز لهم الجهاد بأنفسهم وأن يقاتلوا الأعداء في النفير العام وإن كره ذلك الآباء والأمهات, وفي غير حالة النفير العام لا بد من أذن الوالدين -.
المصدر: موقع رابطة العلماء السوريين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة