داعية ومربية وعضو رابط الأدب الإسلامي العالمية. عمان - الأردن
النكسة... وما تلاها!!
بعد تجرع خريف عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة وستين، والشروع بحمل لهيب صيفه، اشتعلت نيران حرب السابع من حزيران فأودت الأمة في سراديب مظلمة... يوم سقوط المسجد الأقصى بأيدي الصهاينة المجرمين.
أيام حرب مضت مسرعةً دون غبار كَرّ ولا فَرّ؛ إذ يبدو أنها انقضت بالتسليم والاستلام وانتهت بالمصافحة.
ربما تجلّى للعقلاء يومها أن ليالي الشعوب حالكة بينما ليالي حاكميها كانت بالكؤوس عامرة... فالشعوب كانت مولعة بالتصفيق لسلاطين كانت لهم قلوب غارقة في نَهمَ الجيوب... وكانت نتيجة تلك الحرب جحافل من المهجرين الذين لُقبوا بالنازحين، فانتقل عشرات الألوف من غربي نهر الأردن إلى شرقيه، وغدى الأردن بين عشية وضحاها يموج بالبشر، وتحملت مَرافق الحياة ضغوطاً غير مسبوقة؛ ظهر ذلك جلياً في المدارس التي ازدحمت بالطلبة، فاضطرت الإدارة التربوية الأردنية إلى اعتماد نظامين للدوام الرسمي، الأول صباحي والثاني مسائي، يتبادلان الأدوار مع إطلالة الشهر الميلادي. عموماً لقد تكيّف الناس مع الوضع الجديد، فلم يعد طارئاً، ورضيت الغالبيّة بالأمور المعاشية، إنما بدا جلياً أن للأمور الفكرية شأناً آخر تماماً؛ فقد ارتطمت صخرة الفكر بأرضٍ موحلة، فتوزّع وحل الطريق على الثياب الناصعة، وبدا التلوث واضحاً، والتطهير صعباً، وذلك أنّ حال الناس الفكري يومها تلوث بالوافد من الفكر الشيوعي الإلحادي الذي كان يمجّ الدين تماماً، لا بل ويسخر من المتديِّنين والمتشدِّدين الرجعيّين الذين تسببوا بهزيمة حزيران، فأسّسوا الجبهة الشعبية الديمقراطية التي ستحرر فلسطين من أيدي الصهاينة، بينما لم تتحرر هذه الجبهة من تبَعية الملحدين الروس، كما تأسست منظمة فتح الوطنية التي كان لها تأثير كبير على الجماهير لأنها لم تصطدم معهم مباشرة ولم تناقش فكرهم، بل كانت تتسلل بهدوء إلى الصفوف والقلوب، فنمت نمواً عظيماً في غضون سنوات قليلة مما جعلها مغترّة بإمكاناتها، فظّنت أنها مؤسسة حكومية شبه رسميّة فوق أرض الأردن، فكنا نرى نقاط تفتيش مُقامة على شوارع عمان الحيوية والرئيسة تحت إشراف فدائيي منظمة فتح... فلم يعد للدولة قانون، وغدت الديار فوضى ينطبق على أهلها قول الشاعر:
لا يَصلُحُ الناسُ فوضى لا سراةَ لهم * ولا سراةَ إذا جُهّالُهُم سادوا!
لذا كان من المنطقي أن يحتقن الشارع الأردني قرابة عامين... ثم انفجر الوضع بأيام غضب حاقدة سُكبت فيها شلالات الدماء وتناثرت فيها الأشلاء، وتجرّع المجتمع الأردني ليالي من أيلول دارت فيها حرب أهلية أجهزت على أربعة عشر ألفاً خلال عشرة أيام.
ألا ما أبشع تلك الحرب وما أكثر أوزارها.... حقاً إنها أيام حزن وقهر لُكْتُ علقميّتها وأنا أحمل كتب المتوسط الثالث.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن