الأدب الغائب!
كنت ومازلت أردد: أننا نفتقد في مشهدنا الفكري والاجتماعي ثلاثة أنواع من (الأدب): أدب الخلاف.. أدب النصيحة.. وأدب الحوار.
والخلاف في الرأي نتيجة طبيعية تبعاً لاختلاف الأفهام وتباين العقول وتمايز مستويات التفكير.. الأمر غير الطبيعي أن يكون خلافنا في الرأي بوابةً للخصومات ومفتاحاً للعداوات وشرارةً توقد نارَ القطيعة.
العقلاء مازالوا يختلفون ويتحاورون في حدود (العقل) دون أن يصل آثار خلافهم لحمى (القلب). فهم يدركون تمام الإدارك أن الناس مذ كان الناس لابد أن يختلفوا ويؤمنون بكل يقين أنه ( ﴿َلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾.
ألا نحسن أن نكون (إخواناً) حتى لو لم نتفق كما يقول الجهبذ العاقل الإمام الشافعي؟
إن اختلافي معك يا أخي لايعني أنني أكرهك أو أحتقر عقلك أو أزدري رأيك.
أحبك يا أخي.. نعم والله إني أحبك.. ولو بقينا الدهر كله (مختلفين) في الرأي.. واختلافي معك لايبيح (عرضي) ولا يحل (غيبتي) ولايجيز (قطيعتي).
إني لأرجو أن تكون عاقلا أريباً.. وأربأ بك أن تكون أحمقاً متعصباً أو متطرفاً محترقاً فالناس عند الخلاف ثلاثة أصناف:
* إن لم تكن معي فلا يعني أنك ضدي (وهذا منطق العقلاء).
* إن لم تكن معي فأنت ضدي (وهذا نهج الحمقى).
* إن لم تكن معي فأنت ضد الله!!!(وهذا سبيل المتطرفين).
الآراء يا أخي للعرض لا (للفرض)، وللإعلام لا (للإلزام)، وللتكامل لا (للتلاكم)!!
وحتى آراء العلماء في المسائل الاجتهادية لابد أن ندرك أنها رأيٌ في (الدين) وليست رأي(الدين).
إن عدم احترام رأي المخالف وإهدار (أخوته) وقطع أواصر (محبته) لهو استبدادٌ خطيرٌ يحتاج إلى (ربيع عربي فكري) فالاستبدادُ الفكري أخطر في نتائجه من الاستبدادِ السياسي.
ختاماً.. عندما نحسن كيف نختلف.. سنحسن كيف نتطور؛ بعضنا يتقن (أدب الخلاف) والبعض الآخر يهوى (خلاف الأدب).
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن