كفى يا قادة الفصائل
أعوامٌ خمسة والشعب السوري الثائر يُذبَح على مرأى ومسمعٍ من العالم وما من مخلِّص، أعوامٌ خمسة والشعب السوري الثائر صابرٌ على بلائه يقدِّم التضحيات ولا يبخل بالغالي والنفيس. أعوامٌ خمسة والشعب السوري ينتظر الفرَج ويعيش على الأمل، ويحبِس دمعته، ويتسامى على الجراح..... آن لنا أن نقول لكم بلسانِ حال هذا الشعب المظلوم البطل الحرّ الأبيّ الصابر: "كفى..!! فهذا الشعب يستحق منكم أفضل من هذا بكثير.. كفى: نقولها لقادة الفصائل، فقد ملّ الشعب من تفرّقكم، وتعِبَ من تشتتكم، ومنحكم فرصًا كثيرة للمّ صفوفكم، وقبِل منكم الأعذار على حساب دمائه طوال الفترة الماضية، وتحمّل تبعات تشرذمكم، ودفعَ فاتورتها من دماء أبنائه وفلذات أكباده.
تفاخرتم بأعداد ألويتكم ونسيتم أن جنودكم عند أهاليهم ليسوا أرقامًا للمفاخرة، تبارزتم بأعداد شهداء فصائلكم ونسيتم أن لهم أهلًا ينتظرون أن تبشروهم بسلامتهم، ونسيتم أن هذا قد لا يدلّ على كثير حرصٍ وتدبيرٍ منكم.
بنيتم أمجادًا وهمية من ترؤس تنظيماتكم، وازدحمت العقول بأعداد مسميات ألويتكم وتشكيلاتكم، وتعلقتم بها لدرجة الولاء والبراء على أساسها في بعض الأحيان، حتى فرّقتم بين الأخ وأخيه، ومزقتم شمل القرية الواحدة، بالتنازع الفصائلي.
كفى يا أيها القادة: فالتاريخ لن يرحمَكم، ولن يحفظ إلا بالتشنيع فُرقتكم، ومالم تعجّلوا بوحدة جامعة حقيقية، فسيفوتكم القطار وتندمون ولات ساعة مندم، حين ترون أن النظام والتنظيم قد تقاسما البلاد وصرتم أنتم إلى الهامش، وخسرتم ثقة الناس التي طالما منحوكم إياها فلم تحْسِنوا استثمارها.
كفى أيها القادة: فكم تطلبون من الشعب أن يتحمل بعدُ نتائج فُرقتكم، وهشاشة حُججكم، وهو يرى أبناءه يتساقطون على جبهات النظام والتنظيم على مدى خمسة أعوام وأنتم متفرقون؟
كفى أيها القادة: فقد تصدرتم لأمرٍ والله إن الله سائلكم عنه، فكفى تبريراتٍ لأنفسكم لم تعدْ مقبولة، كفى تمسكًا بالحزبيات على حساب الدماء، كفى تعلقًا بالمسميات على حساب الأعراض، كفى!
كفى أيها القادة: فإن اجتماعكم على أمرٍ مرجوح خيرٌ من تفرقكم على أمرٍ راجح، ووحدتكم مع تقتير الدعم عليكم، خيرٌ من فرقتكم مع إكثاره، وقد رأينا من نتائج الفُرقة ما يجعلنا نعتقد أنها شرٌّ محض، ولا ينطبق عليها وصف التمايز الذي يجب أن يكون داخل الجسم الواحد وتحت إمرة القائد الواحد. كفى! فإن الشعب يتساءل: إذا لم توحّدكم هجمةُ الرّوس والمجوس، وخطر النظام والتنظيم، وتآمر العالَم على ثورتكم، فمتى تتحدون؟ كفى! هي ليست نداء من كاتب ينمق الكلمات، إنها صرخة كل أمّ ثكلى، إنها استغاثة كل حرّة في المعتقلات، إنها غصة كل أبٍ مكلوم، إنها حُلْم كل مجاهد ألزمتموه التنافس على مسمياتكم التي لم يخرج لأجلها، إنها مناشدة كل طفلٍ علّق عليكم بعد الله آمالًا في مستقبلٍ مشرق، إنها حسرة كل مهجّر في الخيام ينتظر سماع جرس العودة لوطنه، إنها نداء كل مسلم غيور، تؤلمه فُرقتكم، ويضيق صدره بتنازعكم.
إنها وقبل كل ذلك أمر الله لكم:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} إنها وعيد الله وتحذيره:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. ألم يحن الوقت كي تتفقوا جميعًا على أن تقولوا لداعميكم إننا متمسكون بوحدتنا مع إخواننا ولن نرضى عنها بديلًا فادعمونا أو انصرفوا واتركونا؟ ألم يحن الوقت أن تقولوا لتنظيماتكم وحزبياتكم ومسمياتكم سلامٌ عليكم تبرأنا منكم فقد أثقلتم كاهلنا طلقناكم البتة؟ كفى تشكيلات! وكفى بيانات! وكفى مسميات! إن التشكيل الوحيد والبيان الوحيد والمسمى الوحيد الذي ينتظره الشعب منكم، هو بيان اندماج الفصائل في جسم واحد ومسمى واحد. كفى! هي في الختام نصيحة الأخ المشفق عليكم وعلى الثورة وعلى البلد وشعبها، فهل تجدُ لديكم أذنًا صاغية؟ وإن كنا سنبقى بجوار المجاهدين من فصائلكم، فلأنَّ هذا فرضٌ علينا لا نملِك التخاذل عنه، لا إقرارًا منا بصوابيّة فُرقتكم الفصائلية المقيتة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة