إلى مصر من جديد
دخل عمرو إلى البيت سعيداً، وتوجه مسرعاً نحو جَدّه الذي كان يقرأ القرآن، وضع حقيبته عن ظهره، وفتحها متحمساً، وأخرج منها علبة أنيقة، وعرضها على جَدِّه، وقال: انظر يا جدي وخمّن لماذا حصلت على هذه الهدية؟
- قال الجد: إنها ساعة جميلة يا عمرو، ربما لأنك ولد مهذب في المدرسة.
قال عمرو: لأن لديّ معلومات عن الأنبياء أكثر من جميع الأولاد.
- ضحك الجد وقبّل عَمْراً، وقال له: أحسنت يا عمرو.
وأراد أن يقوم لبعض شأنه، فقال له عمرو: إلى أين تذهب يا جدي؟ بما أنني فزت هذه المرة، فإنني أريد أن أفوز كل مرة. اجلس من فضلك لتكمل لي قصة سيدنا موسى، أم أنك نسيت.
بعد الغداء، جلس عمرو إلى جوار جده على سريره، وتغطى معه ببطانيته، وتعجل جده قائلاً:
ذهب موسى عليه السلام إلى فلسطين. وماذا بعد يا جدي؟ هل وصل؟
- الجد: نعم وصل، وكان متعباً خائفاً.. رأى بعض الناس يقفون حول بئر يملؤون أوعيتهم من مائه.
جلس في ظل شجرة يرتاح، فوقع بصره على فتاتين تقفان بعيداً تنتظران ذهاب جميع الرجال لتتقدما وتملآ وعاءهما.
تقدم سيدنا موسى منهما في أدب، وأخذ منهما وعاءهما وملأه لهما بالماء، فشكرتاه في حياء، ورجعتا إلى بيتهما.
عمرو: مسكين سيدنا موسى، لا يعرف أحداً وهو متعَب وجائع!
- الجد: لكن الله يا بُني يسّر له الخير كله، فقد روت الفتاتان لوالدهما ما حدث معهما، فأرسلهما إليه، وقالتا له: إن أبانا شيخ كبير، وقد رويْنا له ما فعلتَه معنا، فأرسلَنا إليك يطلب رؤيتك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.
وذهب سيدنا موسى، وقابل والدهما، وأجمل ما في الأمر أن والدهما هو النبي شُعيب عليه السلام.
صفّق عمرو بحماس: رائع يا جدي! ما أجمل هذا!
- ضحك الجد: بدأتَ تتحمس يا عمرو..
المهم يا بني الذكيّ، اتفق النبيان الكريمان أن يعمل موسى عند شُعيب - عليهما السلام - يرعى له غنمه مدة عشر سنوات، ويتزوج سيدنا موسى إحدى ابنتَيْه عليه السلام.
عمرو: وماذا حدث بعد السنوات العشر؟
- الجَد: أخذ زوجته معه، وأراد أن يعود إلى مصر، وقد قرر أن يدعو فرعون إلى عبادة الله، وأن يخلِّص قومه من ظلم ذلك الفرعون.
عمرو: قد يقتله فرعون!
- الجد: بالطبع، كان الأمر في غاية الصعوبة والخطورة! لكن كما نقول دائماً...
عمرو: يؤيد الله الأنبياء بنصرٍ من عنده.
- الجد: كان موسى يسير مع زوجته وبيده عصاه في الصحراء، البرد شديد جداً والريح تعصف، والظلام شديد ومخيف.. ومن بعيد يرى موسى ناراً!
فقال لزوجته: انتظريني هنا، سأذهب لأسأل عن الطريق وقد آتي ببعض النار نتدفأ بها.
عمرو: قصة موسى عليه السلام قصة مثيرة! وماذا بعد يا جدي الحبيب؟
- الجد يتابع: توجه موسى عليه السلام نحو النار، وعندما وصل إلى المكان المسمى بوادي طُوى، كان الصمت رهيباً مخيفاً، و... سمع صوتاً يكلمه!
عمرو مندهش: صوت؟ من؟ من يا جدي؟
- سمع الجد صوت والدة عمرو تدعوه للدرس الذي حان وقته، فاعتذر الجَد لعمرو وقال له: نكمل يا عمرو بعد دراستك، وبعد أن تكتب ماذا تعلمت اليوم. قام عمرو متباطئاً، لكنه قـبّل رأس جده وشكره وذهب.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن