وجوب الجهاد لنصرة القُصَير وسوريا
لا يخفى على العقلاء تكتُّل قُوى الشرّ المحلية والعالمية على إخواننا في سوريا ويظهر هذا بشكل فاضح في معركة القصير خاصة أنّ أهلها استغاثوا بإخوانهم المسلمين، لإنقاذ أطفالهم من الذبح، وأعراض نسائهم من الهتك، ومساجدهم من الهدم والتدنيس، وكل هذا يحصل حقيقةً على أيدي شَبِّيحة قوات الأسد وحزب إيران وبقية حلفائه المجرمين، بما يفوق الوصف مما لم يتجرّأ اليهود على عُشْر معشاره!
وكان لهيئة علماء المسلمين في لبنان -بفضل الله تعالى- منذ انطلاقتها نصيب وافر من المواقف والجهود والفتاوى لكسر جدار الصمت بتوجيه المسلمين إلى الحكم الشرعي لمناصرة الثورة السورية، كما مناصرة كل الشعوب المسلمة الثائرة على الطغيان والاستبداد.
وبعد التطورات الأخيرة في القصير نُفتي أن على المسلمين -وخاصة العلماء والشباب والأغنياء- مناصرة إخوانهم بالجهاد بأنواعه كلها: بالكلمة والمال والإعانة الطبية والقتال بضوابط الشريعة وأخلاق الإسلام في دَفْع المعتدين بعيداً عن الفتن المذهبية، كلّ واحد بما يستطيع وبحسب حاجة أهلنا في سوريا والأنفع لهم، وتحديد ذلك متروك لكل مسلم بالتشاور مع مَن يثق بهم مِن أهل العلم والخبرة, ولا بد من الإعداد والاستعداد بصورة صحيحة حتى لا يدخل المسلم في التَّهلُكة المنهيِّ عنها, والله سائلنا جميعاً فلنهيِّئ الجواب.
وذلك بناءً على النصوص الشرعية الآتية:
قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْر﴾[الأنفال: 72].
وقال سبحانه: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 74 – 76].
وقال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُه، ولا يَخْذُله، ولا يُسْلِمُه) رواه مسلم، والخذلان: ترك الإعانة والنصرة.
قال الإمام القرطبي: "تخليص الأسارى واجب على جميع المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال. قال مالك: واجب على الناس أن يُفْدوا الأسارى بجميع أموالهم, وهذا لا خلاف فيه".
ونحذِّر المسلمين من غضب الله إن تخاذلوا عن نصرة إخوانهم، ومن عقابه الذي قد يكون أحد أشكاله أن يسلَّط المشروع الصفوي بعد أن يسيطروا على سوريا -لا سمح الله- على دمائنا وأعراضنا في لبنان والخليج وغيرهما. وماذا كنا ننتظر لو أننا مكانهم؟!
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضعٍ تُنْتَهك فيه حُرمته، ويُنْتقص فيه من عرضه؛ إلاّ خذله الله في موضع يحب فيه نصرته, وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع يُنتقص فيه من عرضه, وتُنتهك فيه حرمته؛ إلاّ نصره الله في موضع يحب فيه نصرته) رواه أبو داود في سننه بسند صحيح.
وبناءً عليه نؤكِّد على فتوى أهل العلم في حُرمة مشاركة المسلم في قتال أهله وإخوانه المعتدى عليهم في سوريا، وتُعتبر هذه المشاركة جريمة من أعظم الجرائم وأفظع الموبقات والمحرّمات تَحرِمُه أخوّةَ المسلمين وعطفَهم وولاءَهم, وذلك بسبب مقاتلته المسلمين الأبرياء والوقوف في صف النظام المجرم وحلفائه الداعمين له، كما تَحرِمُه الدفن في مقابر المسلمين ولا يُعزَّى به. علماً أنّ من أعان ظالماً على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينَيْه (آيِسٌ من رحمة الله), أعاذنا الله من الفتن وتوفّانا على ما يرضى في السرّ والعلن.
هيئة علماء المسلمين في لبنان
15 رجب 1434هـ
25 مايو (أيار) 2013م
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن