المؤمن مَأْلَف، ولا خير فيمن لا يألَف ولا يُؤلَف
«المؤمن مَأْلَف، ولا خير فيمن لا يألَف ولا يُؤلَف».
حديث حَسَن الإسناد، رواه الإمام أحمد في المسند (9199) عن سيدنا الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ـ 10: 273 ـ: «روه أحمد والطبراني وإسناده جيد»، وحسّن إسنادَه من المعاصرين المحدّثُ الشيخ شعيب الأرناؤوط ورفاقه في التعليق على المسند. وحديث أبي هريرة هذا أخرجه الحاكم في «المستدرك» 1: 23 وتعقّبه الإمام الذهبي، والبيهقيُّ في «السنن» 10: 236 وفي «شُعَب الإيمان» :8119، والحافظ أبو الشيخ ابن حَيَّان في "الأمثال": ح180، وفي الباب عن سهل بن سعد (المسند: 2284) وجابر بن عبد الله (البيهقي في شُعَب الإيمان: 7858).
ما يُستفاد من الحديث وربطه برمضان:
مَأْلف - وفي رواية سهل بن سعد: مأْلَفة -: أي هو مَحَلٌّ ومَظِنّةٌ للإلف.
قال العلاّمة السِّنْدي في حاشيته على المسند 15: 107 - طبعة مؤسسة الرسالة -: لِحُسْنِ خُلُقه، وكَرَم طَبْعه، ومحبته لغيره مثلَ ما يُحِبّ لنفسه.
فيُستفاد من الحديث الكشف عن طبيعة المؤمن وخُلُقه، وذِكْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (المؤمن) في صدر الحديث: إشارة إلى أنّ ما من شأنه أن يكون عليه المؤمن في أخلاقه: سبَبُه (الإيمان), وذلك لبيان أهمية تشكيل الإيمان لشخصية المسلم وتأثيره في صياغة أخلاقه... وهذا ما يعبّر عنه العلماء - كما سَمِعْتُه مرّات من شيخنا العلاّمة اللغوي الأصولي المحدّث المحقق المُتقن عبد الفتاح أبو غدّة رحمات الله عليه -: تعليق الحكم بمُشتَقّ دليل على عِلِّيّة الاشتقاق، فهنا المشتق هو لفظ (المؤمن) فيدُلّ على أن الإيمان هو السبب والعلّة في خُلق الأُلفة عنده: يألف غيره بسهولةٍ ويأْلَفُه غيرُه... لمحبته لهم ونُصحه إياهم وتواضُعه معهم ورحمته بهم وقيامه بخدمتهم.
وهذه الأخلاق تتأتّى بالتأثُّر بقُدوة النبي صلى الله عليه وسلم وبالتعلُّم والتربية وصُحبة الصالحين والدعاة الربانيين والعلماء العاملين الصادقين... ولا شكّ أن (شهر رمضان) بروحانيته وتنوّع أعماله الصالحة وطبيعة المجاهدة فيه أرض خِصْبة لكي يجاهد المسلم نفسَه ويتقدّم في هذا الخُلُق الذي يتطلَّب منه التقرُّب ممن يعاشرهم ولا يتعالى ويتكبّر عليهم ولا يتأنَّف من خدمتهم والتحبُّب إليهم، وأن يكون متواضعاً معهم حَسَن الظنّ بهم، غيرَ أنانيٍّ ولا مُعْجَبٍ بنفسه ولا عنيدٍ أثناء الحوار معهم..
اللهم خلّقنا بأخلاق المؤمنين... وانفعنا في (شهر الصيام) بما تنفع به عبَادَكَ الصالحين، آمين_
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن