سبب إجلاء يهود بني النضير
المشهور في كتب السيرة أن سبب إجلاء يهود بني النضير هو تآمرهم على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد طلبه أن يعينوه في دية القتيلين، فهل ثبت ذلك؟ وما الصحيح في سبب إجلاء يهود بني النضير ؟
المشهور في كتب السيرة أن سبب إجلاء يهود بني النضير هو تآمرهم على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءهم يستعينهم في دية القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فقالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فَمَنْ رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم .. إلى آخر القصة (1).
وقد روى ذلك ابن إسحاق عن يزيد بن رُومان، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، لكن الحديث مرسل. وأورده الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة (2).
الصحيح في سبب إجلاء يهود بني النضير:
وقد جاء سبب إجلاء يهود بني النضير بسند صحيح متصل، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وروى ابن مردويه قصة بني النضير بإسناد صحيح إلى مَعْمر عن الزهري: "أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب كفار قريش إلى عبد الله بن أُبيّ وغيره ممن يعبد الأوثان قبل بدر يهددونهم بإيوائهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويتوعدونهم أن يغزوهم بجميع العرب، فهمّ ابن أُبيّ ومن معه بقتال المسلمين، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما كادكم أحد بمثل ما كادتكم قريش، يريدون أن تلقوا بأسكم بينكم".
فلما سمعوا ذلك عرفوا الحق فتفرقوا، فلما كانت وقعة بدر كتب كفار قريش بعدها إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، يتهددونهم، فأجمع بنو النضير على الغدر، فأرسلوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم: اُخرج إلينا في ثلاثة من أصحابك ويلقاك ثلاثة من علمائنا، فإن آمنوا بك اتبعناك، ففعل، فاشتمل اليهود الثلاثة على الخناجر فأرسلت امرأة من بني النضير إلى أخ لها من الأنصار مسلم تخبره بأمر بني النضير، فأخبر أخوها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يصل إليهم، فرجع، وصبّحهم بالكتائب فحصرهم يومه، ثم عدا على بني قريظة فحاصرهم فعاهدوه، فانصرف عنهم إلى بني النضير، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا السلاح، فاحتملوا حتى أبواب بيوتهم، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم فيهدمونها، ويحملون ما يوافقهم من خشبها. وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام".
وكذا أخرجه عبد بن حُميد في تفسيره عن عبد الرازق، وفي ذلك رد على ابن التين في زعمه أنه ليس في هذه القصة حديث بإسناد. قلت (ابن حجر): فهذا أقوى مما ذكر ابن إسحاق من أنّ سبب غزوة بني النضير طلبه صلى الله عليه وسلم أن يعينوه في دية الرجلين، لكن وافق ابن إسحاق جُلّ أهل المغازي، فالله أعلم (3)" ا. هـ كلام ابن حجر.
وأخرجه أبو داود بنحوه وفيه: "فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم اُخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حَبْرًا حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا منك، فإنْ صدّقوك وآمنوا بك، آمنا بك فقصّ خبرهم (*) فلماّ كان الغد عدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب ... (4)".
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن