محاذير الهجرة إلى بلاد الغرب - السويد نموذجاً
كتب بواسطة بقلم: أحمد طلال الصائغ*
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1230 مشاهدة
يجتاح حلم الهجرة إلى بلاد الغرب عقول شبابنا، بل أصبح هدفًا يسعَوْن إليه مُضحِّين بأغلى ما يملكون حتى لو كانت الضحيّة أرواحهم، فعلى إيقاع طبول الإغراء بالعيش الرغيد يحلمون، ومِن خبايا الخوف مِن المستقبل المجهول يهرعون، والى بلاد الهجرة يُسرعون، فهل وجد هؤلاء ما كانوا به يحلمون؟
إن من أخطر الأمور التي تُهدّد هويّتنا الإسلامية اليوم هي الهجرة التي أصبحت مطلبًا لأغلبية شباب أمّتنا الإسلامية، فصعوبة العيش وقلّة الدخل وامتهان الكرامات بشكل يومي في بلاد المسلمين، كل ذلك يدعوه إلى الهجرة، كما لا ينقطع الإعلام المبرمج عن تزيين وتقديم الهجرة إلى البلاد الغربية كحلّ أمثل لِنَيْل ما يرغب به الإنسان من رغد العيش والمال والشهرة ومتاع الدنيا.
فانطلقت أسراب الشباب تسعى إلى هذا الحلم لتحقيقه مقدّمين كلّ ما يملكون من مال وقدرة بل حتى بعض مما تبقى من الكرامة، مُهدرين بذلك أوقاتهم وجهودهم على سراب يحسبه الظمآن ماءً، فهل سيجدون بالهجرة العيش الرغيد الذي كانوا به يحلمون؟ وهل سينجحون بتعويض ما فقدوه؟!
وهكذا تبدأ رحلة الضياع إلى المجهول، ذلك المجهول الذي سيقضي على آخر الأحلام الوردية التي سعى إليها المهاجرون.
إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى أن الشعوب الإسلامية هي أكثر الشعوب هجرة وطلبًا للّجوء إلى الدول الغربية.
و لم تعُد الهجرة في زماننا هجرةً بشريةً وحسب، بل توجد أنواع أخرى وأشكال أخرى للهجرة لا تقل خطورةً عن الهجرة البشرية، بل وتُشكّل خطراً كبيراً على إمكانياتنا وقدراتنا كأمّة.
فهجرة العقول و القدرات المتخصصة أو هجرة رؤوس الأموال التي أصبح الغرب يتغذى عليها ويبني اقتصاده على جزءٍ كبير منها ، لا تقل خطرًا عن الهجرة البشرية.
إن قُدِّر للمُهاجر أن يَصِلَ إلى أرض الأحلام المزعومة فإن أحلامه سوف تتحطم منذ اللحظة الأولى التي سيصل فيها إلى أرضه الجديدة، لأنه سيكتشف أنه عُرضة للضياع و التفكُّك الأُسري، فعلى سبيل المثال لا الحصر ستجد أن المهاجر سيضطر إلى العمل في أخسّ الأعمال وأدناها إن وجد أصلاً عملاً، على الرغم من كونه حاملاً لشهادة جامعية عُليا أو لتخصّص ما في بلده، إذ أن البلدان الأوربية اليوم اكتفت من أعداد المهاجرين إليها، ناهيك عن العنصرية في هذا المجال على الغالب.
وبالنظر إلى باقي الأخطار المحيطة بالمهاجرين فإن مسألة العمل في أدنى سُلم الوظائف إن وجد، يعتبر من أصغر المشاكل التي تحيط به، ففي حال عدم حصوله على عمل سيضطر إلى الاعتماد على معونات اجتماعية من الدولة، وهذا يعني بطبيعة الحال تدخلاً مباشرًا مِن قِبَل الموظف المسؤول في حياته ووقت فراغه وما يملك ومتى يسافر وفي كل صغيرة وكبيرة.
بل قد يصل الخطر في كثير من الأحيان إلى تفكيك الأسرة المهاجرة، وذلك عن طريق حرمان الآباء من أبنائهم بتولية رعايتهم لأُسَرٍ أخرى غالباً ما تكون من سكان البلاد الأصلين، وذلك لأدنى سبب يصدر من الآباء تجاه الأبناء لا يتوافق مع قوانين البلاد.
فمنذ فترة وجيزة تم أخذ أربعة أبناء من أبويهم بحجة أنهم لا يعرفون كيفية تربيتهم، وبطبيعة الحال يتم تربيتهم وفقًا للمناهج الغربية التي لا تُراعي الحلال والحرام.
ناهيك عن الدراسة التي يتم من خلالها تدريس الطلاب ذكوراً وإناثاً مجتمعين ما يُسمّى "بالثقافة الجنسية" وحرية اختيار الصديق وحرية المُخادنة، بل ويكون هنالك تشجيع لهذا، من خلال عرض صور وأفلام.
إن الهجرة ليست حُلماً وردياً فقد يكون ظاهرها هكذا ولكن باطنها مغاير تمامًا إلا لمن كانت غايته إلى الله ورسوله من شؤون الدعوة وأمور العلم النافع والأحوال الأخرى الخاضعة للضوابط الشرعية التي نصّ عليها العلماء والفقهاء.
لذا لابد لكل من يفكّربأمر الهجرة أن يعرف جيدًا أن الهجرة ليست حُلمًا ولا غايةً، بل لابد له أن يدرك أن الأمر جدّ خطير. وصدق ذلك الرجل الذي قال لي مرة: (لقد دفعنا ثمنَ هجرتنا إلى هذه البلدان في أبنائنا)، فهل أنت مستعدٌّ لدفع مثل هذا الثمن؟.
*المشرف العام على المركز الإسلامي في مدينة "أُبسالا" في السويد
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن