محنة مسلمي بورما.... كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
الإعداد: عبد الرحيم أبو طاهر - مدير تحرير أراكان نيوز
** المقدمة:
الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام وبعث إلينا خير الأنام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي أوصانا بالتراحم والتعاضد وأن يشد بعضنا أزر بعض، وأن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وحذرنا من عدم الاهتمام أو قلة المبالاة بأمور المسلمين بقوله في بيانه الشافي: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وإن من يطلع على أوضاع المسلمين في العالم و خاصة في بقعة أراكان المحتلة، لا جرم يصاب بالأسى والألم والحسرة، لما يعانونه من ألوان البلايا وصنوف الرزايا، على غفلة من إخوانهم المسلمين وعدم إحساس منهم بالمسؤولية.
وإني في هذه العجالة كأحد أبناء الشعب الروهنجيا المضطهدين وكمشاهد عيان عما يجري بإخوانكم المسلمين الروهنجيين من الظلم والاضطهاد والتعذيب والقتل والتشريد والتهجير القسري وحملة إبادة والمذبحة الجماعية ضد المسلمين في بورما والتى دامت منذ 228سنة. إنها مأساة حقيقية في أراكان المسلمة، الشعب المسلم المشرد عن أرضه ووطنه والمحروم من أبسط الحقوق الإنسانية، إذ لا ثمن لدمائهم، كأنهم في سجن كبير، وفي تحت اللاإنسانية، ويتعرضون أنواعا شتى من الظلم والتشريد والقتل والاضطهاد المتواصل والإبادة الجماعية والمنتظمة، وكثير من العراقيل والصعوبات في جميع مراحل حياتهم الدينية والتعليمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من قبل حكومة بورما الشيوعية العسكرية، وإلى غير ذلك من المظالم والتى لا يخطر ببالكم.
**الموقع الجغرافي:
بورما: تقع دولة بورما (ميانمار حالياً) في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدها من الشمال الصين والهند، ومن الجنوب خليج البنغال وتايلاند، ومن الشرق الصين ولاووس وتايلاند، ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلاديش، وتقدر مساحتها بأكثر من 261.000 ميل مربع، وكانت بورما ولاية من ولايات الهند المتحدة أيام الاستعمار البريطاني ثم أعلنتها بريطانيا دولة مستقلة في 1947 م وذلك لأهداف ومصالح بريطانية وفي عام 1948 م نالت استقلالها من الاستعمار البريطاني بعد كفاح متواصل من المسلمين والبوذيين معاً. ويبلغ عدد سكانها: 55 مليون. ويتكون اتحاد بورما من عرقيات كثيرة جداً تصل إلى أكثر من 140 عرقية، وأهمها من حيث الكثرة (البورمان) وهم الطائفة الحاكمة، ـ وشان وكشين وكارين والرهنجيا وشين وكايا وركهاين ـ الماغ ـ
**موقع أراكان:
تقع أركان في الجنوبي الغربي لبورما -على ساحل خليج بنغال والشريط الحدودي مع بنغلاديش- في جنوب شرق آسيا بعد أن ضم إليها قهراً، تحدها من الشمال والشمال الشرقي والغربي: الصين والهند وبنغلاديش وخليج البنغال، ومن الجنوب والجنوب الشرقي والغربي: لاوس وتايلند وبحر الهند. وتقدر مساحة إقليم أراكان قرابة 20.000 ميل مربع، ويفصله عن بورما حد طبيعي هو سلسلة جبال (أراكان يوما) الممتدة من جبال الهملايا.
عدد السكان: عدد سكان المسلمين في إقليم أراكان حاليا ثمانمائة ألف حسب التقرير الحكومة البورمية، ولكن العدد الصحيح هو ما بين 1.5 إلى 2 مليون، ويمثلون الآن حوالي 55% نسبة من مجموع سكان أراكان، ولكن المسلمون كانوا يمثلون ما بين 70%-75% نسمة من مجموع سكانها في عام 2006م. وعدد المسلمين حاليا في بورما بصفة عامة ما يبلغ 5 مليون معظمهم في رانجون عاصمة قديمة وماندلاي، ونسبة المسلمين فيها الآن 10% نسمة من مجموع سكان بورما.
وكان عدد المسملمين في بورما حوالي 8 مليون، منهم 4 مليون في ولاية أراكان والباقون موزعون في الولايات المختلفة كيانجون وماندلاي وكارين وغيرها.
ولاشك أن المسلمين يعيشون بأغلبية ساحقة في إقليم أراكان حتى الآن، ولكن المسلمين أقلية في بورما من ناحية الديانة، ولكن من ناحية تقسيم العرقيات أن مرتبتهم بعد عرقية برمان التى هي العرقية الكبرى في بورما.
المقاطعات: 4، المقاطعات الانتخابية: 17، المدن: 17، الأحياء:120، التجمعات القروية: 1041، القرى: 3871.
** دخول الإسلام إلى أرض أراكان:
دخل الإسلام في أراكان من عهد الخليفة هارون الرشيد (رحمه الله) في القرن الثاني الهجري الموافق القرن السابع الميلادي، فاعتنق الإسلام عدد كبير من السكان المحليين يعرفون بـ "الروهنجيا" ثم ما زال هذا العدد في تزايد إلى أن أصبح الإسلام دين الأغلبية فيها، ويعود قيام أول دولة إسلامية في أراكان إلى عام 1430 م استمرت بعده تنعم بحكم الإسلام 350 عاما تعاقب خلالها على الحكم 48 ملكا وسلطانا مسلما، طبقوا فيها الشريعة الإسلامية الغراء، وحكموا بالإسلام قرونا طويلة في شؤونهم العامة والخاصة حتى اغتصبتها حكومة بورما بقيادة البوذي المتطرف " بودو فيا" عام 1784 م ثم جاء الإنجليز! وعند انسحاب البريطانيون من أراكان ضموا إقليم أراكان مع بورما، 1948م، ومن المعلوم أن الإستعمار الإنجليزي لا يحل في مكان إلا زرع فيه بذور الفتن، والخلافات الطائفية، فقد قام الإنجليز بالوقوف مع البوذيين ومساعدتهم وحرضوهم على قتل المسلمين في أراكان، فكانت نقطة البداية لحملات الإبادة والطرد التى استمرت إلى يومنا هذا (والله المستعان).
** حملات حرب إبادة ضد المسلمين من قبل البوذيين:
من الحملات البشعة التى قامت بها الحكومة البوذية من إعلان برامج تصفية المسلمين بعنوان "برامج التخلص من الأجانب" معتبرة المسلمين أجانب ودخلاء على جسم المجتمع البوذي! ولقد استعملت في ذلك من كافة وسائل الإرهاب والقتل والتنكيل والتصفية والإبادة والهتك للأعراض، وما يفوق التصور، مستعينين في ذلك بخبراء من اليهود وجنود متخصصين، وهي حقائق بلغت من الوضوح أن قامت بعض الصحف المنصفة بنشرها.
وبحجة تفتيش الجوازات أجرت القوات البورمية 17 عملية عسكرية كبيرة، وتمتد كل عملية إلى شهر وشهرين متتالية، منها عملية بي تي إيف في عام 1948م، وعملية ناجامين التي وقعت عام 1978م التي أسفرت عن دمار منقطع النظير وهلاك لا يكاد يوصف، حيث قتل خلالها أكثر من عشرة آلاف مسلم وطرد أكثر من ثلاثمائة ألف عبروا إلى بنغلاديش ومات منهم أربعون ألفاً في الملاجئ المؤقتة معظمهم أطفال وشيوخ ونساء.
ولما انسحب الإنجليز في عام 1942م خلال الحرب العالمية الثانية، جاءت اليابان بمباركة ودعم البوذيين فاحتلتها وشهدت أراكان أكبر مذبحة في التاريخ الإنساني في عام 1942م، فقتل أكثر من 100 ألف مسلم وتم تشريد آلاف إلى الدول المجاورة،واستمر هذا الوضع المأساوي إلى أن أعاد الإنجليز احتلالها للمرة الثانية عام 1945م، بعد انتهاء الحرب لتبدأ حقبة الاستعمارالإنجليزي الثاني فما فيه من مآسي لم يعرف مصيرها، ثم لما قرر الإنجليز منح الاستقلال لأراكان، رأوا ضمها إلى بورما لتصبح تحت نيران سيطرة البوذيين من عام 1948م إلى يومنا هذا ( وإلى الله المشتكى).
وفي عام 1965 م بلغت مأساة شعب أراكان ذروتها عندما تولى الجيش البورمي الشيوعي الحكم المباشر على الدولة فمنذ ذلك اليوم والمسلمون في أراكان يعانون كل أشكال القهر والاستعباد والقمع والإٍرهاف، وفي عام 1978م قامت الحكومة العسكرية البورمية بإجراء عملية عسكرية ضد المسلمين بتهمة تصفية أراكان الدخلاء غير شرعيين من بنغلاديش، وتم تشريد الآلاف من المسلمين ونزحوا إلى بنغلاديش، وفي عام 1991 م تفاقمت الأوضاع أكثر عندما استغلت حكومة بورما الشيوعية انشغال العالم الإسلامي باحتلال العراق لدولة الكويت، فأقامت المجازر والمذابح التى تجاوزت كل الحدود، إذ لم يرحم طفلا رضيعا ولا شيخا مسنا ولا امرأة كبيرة، وهدموا البيوت والمساجد التاريخية القديمة، وهجّروا أكثر من ثلاثمئة مسلم إلى حدود بنغلاديش حيث تُركوا في العراء يواجهون البرد القارص والأمطار الغزيرة والجوح والضياع، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وألغت حكومة بورما (ميانمار) حق مواطنيتهم وألغت جنسيتهم عدوانا وظلما بإصدرار قانون الجنسية الجديدة في عام سنة1982م. وبدأت تجور من جديد فصادرت ممتلكاتهم ولا تسمح لهم بالتنقل من قرية إلى قرية ومن حي إلى حي إلا بإذن السلطة العسكرية المحلية كتابة.
ما أشبه الليلة بالبارحة! ما أشبه ما يحل بالمسلمين في فلسطين وكشمير والشيشان وغيرها الآن بما يحل بالمسلمين في أراكان منذ نصف قرن، وكأننا في يوم الأحزاب حين هبت قوى الكفر والضلال كلها بقيادة قريض لتحاصر المدينة المنورة، فينهض من لا ينطق عن الهوى ليقول لأصحابه الكرام قولته المأثورة: "رَمَتكم العرب عن قوس واحدة"، ومع ذلك تظل الحقيقة هي أن أراكان لم ولن تكون ولاية بورمية.
**بداية الأزمة الحالية:
المواجهة الدموية الأخيرة التي وقعت على مسلمي الروهنجيا بداية من شهر يونيو 2012م، حسب الخطة المدبرة من الحكومة البورمية التي اضطرت إلى قبول الديمقراطية بعد الضغوط المتزايدة من دول العالم والأمم المتحدة، وهي في طريقها الآن لإحلال الديمقراطية في البلاد، وبسبب الضغوط العالمية خاصة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة لفرض الأمن والاستقرار في الدولة كشرط لرفع العقوبات المفروضة عليها، وتأمين حقوق الأقليات في بورما، فاوض رئيس دولة ميانمار مع جميع الأقليات المحاربة بالسلاح لنيل حقوقهم الأساسية، وتم التعهد مع كثير من الأحزاب المحاربة، سوى مسلمي أراكان، حيث إن حكومة بورما لم تلتفت إليهم لكونهم مسلمين مسالمين.
وبسبب اشتداد الضغوط العالمية على بورما لحل القضية الروهنجية، وحصول لقاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير خارجيته وليام هيج، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع بعض زعماء الروهنجيا خلال سفرهم إلى ميانمار، وتأسيس اتحاد أراكان روهنجيا برعاية منظمة التعاون الإسلامي، ودعوة وزيرة الخارجية البنغلاديشية العالم لعقد مؤتمر عالمي لحل قضية الروهنجيا في اجتماع وزراء الخاريجية في منظمة التعاون الإسلامي، تزلزلت قلوب الزعماء العسكريين في بورما بأنه لا طريق ولا مفر سوى منح مسلمي بورما حق الجنسية وإعطائهم جميع الحقوق المدينة كسائر العرقيات الموجودة في البلاد. ولذلك اتخذت خطة الإبادة والتهجير القسري، فأقامت هذه المذبحة الجماعية بتحريض العرقيات الأخرى في الولاية كالموغ وراخين الذين يدينون بالبوذية، واستغلت الحكومة هذه الفرصة وشاركت لتصفية المسلمين من أراكان مع البوذيين الإرهابيين والعرقيات الأخرى.
رغم أن وسائل الإعلام المختلفة تشير إلى أن بداية القضية تعود إلى انتهاك عدد من الشباب المسلمين لعرض شابة بوذية، إلا أن مصادرنا المؤكدة تقول بأن تفاصيل القضية تعود إلى أن عشرة من الدعاة المسلمين الروهنجيين من جماعة التبليغ تعودوا على التنقل بين قرى المسلمين لتدارس أمور الدين وتعليم الناس قصار سور القرآن الكريم، وعند عقدهم لحلقة العلم في قرية (تنغوا) بمدينة (أكياب) بولاية أراكان علم البوذيون بالأمر، فاتفقوا على مهاجمة الدعاة حسب الخطة، فحملوا معهم السكاكين والسواطير والهراوات، ولكن كان الدرس قد انتهى وركب الدعاة حافلة للانتقال إلى مقر سكنهم في قرية قريبة، ولكن اعترض طريقهم البوذيون فدخلوا عليهم في الحافلة بعد أن أنزلوا منها غير المسلمين فقتلوا الدعاة العشرة مع امرأة واحدة بكل أعمال العنف، هذه هي البداية.
وبعد أن علم المسلمون بمدينة (منغدو) بالأمر اجتمعوا في أول جمعة بعد هذه المذبحة لأداء صلاة الغائب عليهم، ومن ثم الذهاب إلى المركز الإسلامي بقرية (شقدار فارا) بمنغدو للدعاء لهم بالرحمة والغفران، فحاصرت قوات الأمن البورمية المسجد وأطلقوا النيران على المصلّين، فاندعلت الصدامات، وراح ضحيتها شخص واحد، وعدد من المصابين من المسلمين، وهجم عليهم المتطرفون البوذيون والذين كانوا على مرصد للمهاجمة حسب التخطيط منهم ونشأت المشاغبة الكبيرة - التي لا نعرف متى تنتهي بإذن الله - حيث تحرك المكبح البوذي الحكومة البورمية من الوراء، فأحرقوا مساجد الله وبيوت المسلمين وينهبون أموالهم ويقتلون من بناه الله قبضوا أطفال المسلمين فشدوهم بأيدهم وأرجلهم فأرهبوهم وخنقوهم وذبحوهم جماعيا وحلقوا رؤوسهم، وقتّلوا شبانهم ورجالهم و أحرقوا جثث الموتى، وأدخلوا بعضهم في الأوحال وقطعوهم واغتصبوا بناتهم ونسائهم في دارهن وفي الغابات حيث اختفين وأحرقوهنّ ثم ذبحوهنّ كالشياه وسالت أرض أراكان بدماء المسلين الأبرياء وقد صُفّيت منطقة أكياب إلاخمس قرى فقط. ولا تكاد تضع يدك في خريطة أراكان إلا وتجد تحت إصبعك جرحا ينزف بدماء المسلمين الروهنجيين.
وبلغ عدد قتلى المسلمين الروهانجيين (حسب التقارير المعتمدة) أكثرمن خمس وعشرين ألفا (25000) أطفالا ونساء وشيوخا وشبان من كل طبقة من المسلمين إلى الآن وتم اعتقال أكثر من 10 ألف مسلم روهنجي ولا يعرف مصيرهم حتى الآن، ويموتون في سجن بورما من شدة العذاب والظلم من قبل الحكومة وتم إحراق مئات القرى تماما، وانتحرت كثير من النساء المسلمات في نهر ناف حفظا لعرضهم وصيانتهم من اغتصاب البوذيين، وقد تم هذا العمل القاسي بالتعاون بين الشعب البوذي (المغ) والقوة المسلحة البورمية الحكومية مؤكدة النهي للمسلمين بالبندقية من الخروج من بيوتهم باسم إجراء الحالة الطارئة، مع إحراق بيوتهم بواسطة الشعب (ناتالا المغ غيرالمهذب واللاإنساني).
**أزمة إنسانية في بورما:
أظهرت الأرقام أن عدد اللاجئين والمشردين في بورما تجاوز مئة ألف مهاجر و يعيشون عيشة ضئيلة وحياة صعبة تحت سماء مفتوحة في هذه الأيام الممطرة في مدينة منغدو وأكياب، حيث إنهم فقدوا منازلهم وبويتهم بالحرق من قبل البوذيين كما أن ممتلكاتهم من الأغنام والأبقار والدجاج والعملة المحلية نهبت من قبل البوذيين الإرهابين بمساعدة السلطات البورمية.
وتقول إحدى اللاجئات من مخيم أكياب: " قتل زوجي في مساء يوم الأحد الماضي من قبل البوذيين عند الرجوع من السوق، واعتدت السلطات البورمية على بيتي في هذه الليلة وألقوا القبض على ابني الكبير" واضافت قائلة: " بعد ذهاب السلطات هجمت البوذيين على بيتي ونهبوا جميع السلع والبضائع التى كانت عندي، ثم أحرقوا البيت". وابتل وجهها بالدموع وهي تبيّن هذه المحنة.
ويقول "أحمد الله مياه" أحد الشيوخ المسنين من مخيم بمدينة منغدو: " نحن نعيش هنا منذ حوالي عشرة أيام بعد حرق بيتي من قبل البوذيين، ولكنا لم نجد حتى الآن أي مساعدات لا من الحكومة ولا من أية منظمة عالمية". ويضيف قائلا: " في حين أن مجتمع راخين والبوذيين يستلمون المساعدات من الحكومة مع أنهم غير متضررين".
وبسبب عدم توفير الطعام والمياه والعلاج المناسب انتشرت الأمراض الخطيرة والمعدية في مدينة منغدو، ويعاني منها الأطفال والنساء والجرحى أشد المعاناة على وجه الخصوص، ولكن الحكومة لم توزع أية مساعدة ولم تسمح للمنظمات الإنسانية العالمية بالدخول إليها لتوزيع المساعدات، حيث أن الجيش والشرطة حاصروا المخيمات وفي أيديهم الأسلحة الثقيلة حتى لا يستطيع أحد الخروج منها، والأطفال والجرحى يصرخون للطعام والعلاج والنساء الحاملات يتعرضن لأشد أنواع الظلم والاضطهاد ولكن الحكومة الظالمة لم تبرد قلوبهم الجامدة.
**أزمة إنسانية في بنغلاديش:
ومع هذه الحالة الضيقة فإن بعض المسلمين الروهنجيين الهاربين من جحيم القتل والحرق وصلوا إلى بنغلاديش ولكن بنغلاديش لم تسمح لهم الدخول بل النزول إلى أرضها وتم تسليم الجميع وترحيلهم إلى بورما، لولا قدرالله لانشقت السماء وسقطت مما رأت من بكاء الأطفال والنساء والمراهقات العذارى والشيوخ المسلمين والمسلمات فمات جرحاهم وبعض أطفالهم جياعا وباكين على سطح الماء في نهر(ناف)، وانتحرت بعض النساء المسلمات واثبات في نهر (ناف) ممّا رأينه من موت الأطفال الصغار أمامهن من الجوع والمطاردة من قوتي بورما الطاغية وبنغلاديش غير المبالية، بسبب دفعهن إلى بورما من بنغلاديش ووقع معظم أصحاب السفن في قبض حراس حدود بورما (ناساكا) فأغرقوهم في نهر (ناف) بالمطاردة و إطلاق الرصاص، ونجا منهم من نجّاه الله، فتسللوا واخترقوا حدود بنغلاديش خفية، ويعيشون الآن في إحدى المخيمات المؤقتة في مدينة تيكناف عيشة مأساوية تنذر بكارثة إنسانية ليس لهم طعام ولا مشرب يسدّون به رمقهم ويقضون حياتهم ولا دواء لعلاج جرحاهم. ويزداد المتسللون يوما فيوما بسبب ديمومة حملة القبض على أُسر المسلمين في بورما، خاصة الشباب والدعاة وأئمة المساجد والمثقفين، ويموتون منهم بسبب عدم توفير الخدمة الكافية والتطبيب الكافي والشافي. وهكذا يزداد الذين يخترقون حدود بنغلاديش معظمهم النساء والأطفال والشيوخ المستضعفون، ووصلوا باب الموت جوعا ومرضا وخوفا في أرض بنغلاديش بلا مأوى في المطرالغزير كالبرابر.
ولم تكن أحوال اللاجئين في بنغلاديش أفضل فهم يعيشون الآن أوضاعاً مزرية، حيث إنهم يحتشدون في منطقة تكيناف داخل مخيمات مبنية من العشب والأوراق وسط بيئة ملوثة ومستنقعات تحمل الكثير من الأمراض مثل الملاريا والكوليرا والإسهال.
** آهات وصرخات و نداء الجرحى الملهوفين للعالم والعالم الإسلامي:
ومن هنا ندعوالعالم كله والعالم الإسلامي أجمع ومنظمة التعاون الإسلامي وجميع الجمعيات الخيرية الإسلامية القطرية والعربية بالخصوص نيابة عن جميع الشعب الروهنجيا المظلومين المنكوبين في أرض أراكان للنظر العاجل وأن تبادروا بالوقوف بجانب إخوانكم المسلمين الروهنجيين لإنقاذهم من المذبحة وحرب الإبادة الجماعية التى يواجهونها في بورما، وأن تمدّوا أيديكم البيضاء بالدعم والسخاء إلى إخوانكم المسلمين الروهنجيين الذين يبادون ويقتلون سواء كانت ماديا ومعنويا، والله عز وجل يقول: " الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " (البقرة: 274). وأراكان هي ينبغي أن تكون ميدان عملكم الدعوي والخيري والإنساني وإلا سينتهي هذا الشعب المسلم الضعيف الذي يقتل ويذبح كالشياه في مسقط رأسهم، و سوف يأتي يوما –لا قدر الله- ويقول الجيل القادم بعد ذالك: هل كان هناك شعب باسم المسلمين الروهنجيين؟
أسال الله التوفيق للجميع وهوولي التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن