وصيَّتُنا... إليكِ
إنّ في رحلة الحج تذكرة لأولي الألباب؛ لذا هنيئاً لكل مسلمة استجابت لهذه الدعوة فجهزت القلب والروح والفكر للإقدام على هذه الطاعة، وقد عزمتْ على ترك كل شيء خلفها طمعاً بما عند خالقها، ورغبة في نيل عظيم الأجر والثواب، وأملاً في التخلّص من الذنوب والأوزار كما أخبر بذلك النبي المختار (ص) فقال: «من حجّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجع كيوم ولدته أمه» و«الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
وعوناً لك - أيتها المسلمة - على الحج المبرور قمنا في «منبر الداعيات» باستطلاع مشاعر وآراء ثلّة من الحاجّات ممن سبقنك بأداء هذه الفريضة:
• تقول منى عدلوني: «أذكر أنني مع كل خطوة كنت أخطوها للوصول إلى بيت الله الحرام كان الشوق يزداد بي حتى بلغ منتهاه... ولما وصلتُ إلى الحرم المكي وأصبحتُ مقابل الكعبة كانت لحظة لا توصف!
أوصي من أرادت الذهاب إلى الحج أن تتعلم أداء المناسك، وأن تحضر اللقاءات التي تنظمها الحملة كلما سنحت الفرصة، وعليها بِحُسْن الخلق وروح التعاون».
• أما سوسان مصطفى فقالت: «سمعت الكثير من الناس يتكلمون عن انطباعاتهم عن الحج، ولكن عندما ذهبتُ بنفسي تأكدت أنّ الكلام الذي سمعته يختلف عن المعاينة؛ وكم هو إحساس جميل حين ترَيْن منظر الحجاج من كل الأجناس، فهذا المنظر جعلني أربط بين مناسك الحج واليوم الآخر.
أنصح كل مسلمة نَوتْ حج بيت الله العتيق أن تتعلم مناسك الحج وأن تأخذ الاحتياطات الصحية اللازمة من لُقاحٍ وغيره قبل الذهاب، وأن تقتصر على الحاجيات الضرورية. وأثناء الحج أنصحها أن تترك هموم الدنيا وراءها وأن تهتم بمرضاة الله تعالى والتفكير بأننا سنعود كيومَ ولدَتْنا أمهاتنا، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم والذكر والدعاء. وبعد الرجوع إلى الوطن أنصح بالحرص على عدم العودة للسيئات وبالثبات على الطاعات».
• وأضافت أم زكريا غنوم: «الانطباعات عن الحجّ بصراحة لا تتولد من لحظتها، لأن الحاج طوال الوقت يشعر بأنه في منام، وهذا لا يستطيع أن يستشعره إلا من حجّ بيت الله الحرام.
ووصيتي إلى كل من أرادت حج بيت الله الحرام أن تذكّر نفسها بأنها رحلة العمر وأنها ربما لن تتكرر؛ لذا فخير زاد تحمله معها هو التقوى، لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْه ُاللّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَآ أُوْلِي الأَلْبَابِ) (البقرة: 197)، ولحثّ الرسول (ص): لا تصحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي»؛ التي تذكركِ إذا نسيتِ، وتعلِّمكِ إذا جهلت، وتنشطكِ إذا كسلتِ، وتساعدكِ إذا احتجت شيئاً، وتتزودين منها أخلاقاً وآداباً صالحة. والحذر من رفيقات السوء، فقد يفسدن عليكِ عبادتكِ؛ وهذه النصيحة أقدّمها لكِ عن تجربة. كما أنصح كل من نَوَت الحج أن تحرص على التستر والاحتجاب عن الرجال ولا تتهاون في هذا الأمر، ولا تزاحمهم ولا تختلط بهم في المسكن وفي الخيام أو عند الحمّامات وغيرها. وأذكرّها أيضاً أنّ كل الطاعات في هذا المكان المبارك ثوابها مضاعف فلتستثمر وقتها في كل طاعة وخير وتتوجه إلى الله بالدعاء لنفسها ولكل المسلمين، خاصةً في يوم عرفة، وآخر وصية أن تعلم أن صحيفتها أصبحت بيضاء فلا تسوّدها من جديد بالذنوب والخطايا، وأن تعقد النية على العودة مرة ثانية سواء للحج أو للعمرة لقول الرسول (ص): «العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
• وعلّقت ماجدة تذكرجي على الموضوع قائلة: «بعد ذهابي إلى الحج أصبح عندي يقين تامّ بأن الله إذا أراد شيئاً للإنسان يسّره له ولو لم يبذل جهداً كبيراً، وهذا ما حدث معي. كانت رحلتي هذه رحلة العمر بالفعل، مشاعر غريبة شعرتُ بها وأنا في الطائرة، وحين وصولي إلى مكان إقامتنا وتعرُّفي على أناس لم أكن أعرفهم سابقاً أحسست بالرابط الأخوي بيننا، وعند ذهابنا للحرم أول مرة لم أصدق أنني أقف أمام الكعبة ونسيت كل شيء يربطني بالدنيا ولم أتذكر إلا يوم الحشر.
أوصي أختي الراغبة بالذهاب إلى الحج بتعلّم مناسك الحج ثم أداء حقوق الناس قبل الذهاب كتسديد الديون المترتبة عليها؛ فعليها أن تبرئ ذمّتها منها، ثم عليها استسماح مَن تعرف ومسامحتهم وتنقية قلبها من أيّ ضغائن أو أحقاد، وأن تعاهد الله على التوبة النصوح، ولتعلم أيضاً أنها سترى في الحج أصنافاً عديدة من البشر فعليها أن تجاهد نفسها على الصبر وعدم الجدال؛ قال تعالى: (فلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ)، وأن يكون لديها برنامج لاستغلال الأوقات بالطاعات وليس بالأسواق، وإنْ رغبت في شراء بعض الهدايا للأهل والمعارف فليكن في حدود الطاقة ودون إسراف ودون تضييع للوقت، والأفضل أن يكون بعد الانتهاء من كل المناسك، وهذا من باب توقير الحج، وأن تتعرف على الناس عملاً بالآية الكريمة: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا). كما أن الحج فرصة ذهبية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاغتنميها، واحرصي على الصلوات والقيام في الحرم، وتذكّري يوم الحشر أثناء الطواف حول الكعبة. وعند العودة أنصح كل حاجّة بعدم الخوض في السلبيات التي رأتها أو حدثت معها، فلا تتحدث إلاّ عن الإيجابيات، وأن تحافظ على حجتها وأن لا تعود إلا بحال أفضل مما كانت عليه».
في ختام هذا التحقيق: نذكّر أخواتنا المُقْبلات على الحج بضرورة تصحيح النية أي بتنقيتها من شوائب التفاخر والرياء في أدنى مظاهره. وتذكري أن العودة الحقيقية من الحج ليست بعودتكِ سالمة إلى أهلكِ فقط؛ بل بعودتك إلى خالقكِ كيوم ولدتكِ أمك. نسأل الله تعالى لكل من نوت الحج التيسير والتوفيق والقَبول وشفاعة المصطفى الرسول (ص).
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن