داعية، مسؤول فرع جمعية الاتحاد الإسلامي في البقاع وعضو هيئة علماء المسلمين في لبنان
الرَّحّالةُ العَجيبُ عبدُ الرَّشيدِ إبراهيم رحمه الله
إنّ واقع المسلمين وتاريخهم مليء بالعظماء، وبالدوافع الإيجابية، والقدوات النموذجية، ولئن كان الإعلام المعادي أو الهابط يضخّ لمجتمعاتنا عوامل الإحباط -الواقعية والمختلَقة على حَدٍّ سواء -فالإسلام يعلمنا التبشير والتحفيز، ولذلك كانت هذه السلسلة، وقصة الشيخ عبد الرشيد إبراهيم الذي استمرت رحلاته العلمية والدعوية والجهادية 90 سنة قمرية!
فقد ولد سنة 1846م -1262هـ في سيبيريا، وأصله من قازان عاصمة تتارستان. بدأ طلب العلم حتى بَلغ 12 سنة فسافر من روسيا إلى مكة المكرمة للاختصاص العلمي. وهناك لقي كثيرين أهمهم الإمام شامل "صقر القوقاز" الذي أَلهَبَ حماستَه لمواجهة اضطهاد روسيا للمسلمين، فعاد إلى روسيا بعد 20 عاماً، حيث عَمِل على أكثر مِن صعيد؛ دعوي وتربوي وإعلامي وسياسي؛ سعياً لتوحيد جهود المسلمين وتنمية وَعْيهم؛ فعمل بـ:
مخاطبة الجماهير في المساجد، وافتتاح المدارس، وإصدار سلسلة رسائل "التلميذ" بالعربية يبعثها إلى بلاد العرب ليعرّفهم بمأساة قومه. وقد تولى القضاء، وأصبح رئيساً للمنطقة، ثم نائباً للوالي العام على الأقضية الإسلامية المركزية في "أوفا" بعد اكتسابه ثقة المجتمع والتشكيلات المركزية لمسلمي عموم روسيا، واستثمر مناصبه لتحصيل حقوق المسلمين.
لذلك مَكَرَتْ به القيصرية الروسية، وغادر بلاده مرتين؛ فلجأ إلى إسطنبول، وأصدر فيها نشرة "لواء الحمد" التي كانت تُنقل إلى روسيا لتوزَّع في كل ناحية.
وغادر روسيا المرة الثانية متنقلاً بين: تركستان وبُخارى وسمرقند ومنشوريا ومنغوليا والصين وكوريا واليابان، وبلاد الملايو (أندونيسيا وماليزيا وبروناي وسنغافورا).
واستقر 6 أشهر في اليابان للدعوة، وزار الهند، ثم توجَّه إلى مكة المكرمة حاجّاً، ومن المدينة المنورة بالقطار العثماني إلى دمشق، ثم بيروت وإسطنبول.
وتوجه إلى مصر، ثم ليبيا لجهاد الإيطاليين وعمره قرابة السبعين، ومنها إلى القوقاز في الجيش العثماني، ثم ألمانيا لمواساة الأسرى المسلمين. كما كانت له جولات في مجاهل إفريقيا.
ثم عاد إلى اليابان التي استقر فيها لإعجابه بأخلاق أهلها، واستعدادهم الكبير للإسلام. فقابل الإمبراطور والكبراء، وزار المرافق والبرلمان، والجامعات والمدارس والجمعيات،والمراكز التجارية والبريد والأسواق والسجون... واطّلع على علومهم وحرفهم وطرائق عيشهم.
أسلم على يده الآلاف، وبنى مسجد طوكيو 1937م، وضغط لاعتراف الدولة بالإسلام 1939م، وبقي يدعو ويدرِّس إلى أن توفي سنة 1944م - 1363هـ رحمه الله تعالى.
دَوَّن طرَفاً مِن أخباره في كتابين: "حَياتي" و"العالم الإسلامي"، ونظمها الشاعر التركي محمد عاكف في ملحمة (عدد أبياتها 1003)!
مِن كلماته: (الطالب الذي لا يفكر أن يصبح شيخ الإسلام لا يصير عالماً، والذي لا يفكر أن يصبح قائداً لا يصير جندياً).
ويكمل مساعيه الدعوية في اليابان اليوم الشيخ التركي المُعَمَّر نعمة الله خليل يُوْرْت حفظه الله تعالى.
إنه نموذج مِن عظماء أمتنا يُذكِّرنا بواجباتنا، وإشراقة أمل تبعث فينا الهمّة والعمل!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة