كاتبة سوريّة وإعلامية، في مصر، مشرفة على موقع (إنسان جديد)
في تركيا: إنها السُّنن!
عبارتان عكس بعضهما تدلان على ضياع البوصلة، الأولى التي عَزَتْ سبب ما حدث في تركيا إلى أن (أردوغان لم يحكم بالإسلام كما يجب فانتشرت العلمانية والكثير من المظاهر اللادينية فعاقبه الله بالانقلاب)!! والثانية أن (فشل الانقلاب كان بمعجزة إلهية فقد قال الله كلمته وأيد عبده أردوغان المسلم المؤمن ونصر المآذن على المدافع )!!
والحقيقة أن ما حدث كان مثالاً عملياً وصارخاً وعلى مرأى عيون البشرية كيف أن سُنن الله نافذة، فلا معجزة ولا عقاب ولا شيء من هذا ولا ذاك، شعب وحكومة اتخذت الأسباب فوقعت النتائج، شعب امتلك الوعي، والإرادة، وعرف كيف أن السرقة جرم قبيح في كل شيء وخصوصاً في سرقة الحكم، وأن حكم الحذاء العسكري جدير بسُكّان الحظائر لا صُناع الحضارات فرفضوه، مباشرة ودون تسويف ولا تأجيل، شعب نظام تفكيره تحرر من (الي بيتجوّز أمي بنقُلّه عمي، وألف قولة جبان ولا قولة الله يرحمه، وامشي بجنب الحيط وقول يا ربي الستر،.......) وغيرها من المنظومات الفكرية المحبطة والمثبطة ، وليس هذا فقط فمن الأسباب أيضاً أن لديهم جيشاً تربى على مدى سنين على أن القوة الأعظم والكلمة الفصل هي للشعب، فلا دناءة تحكمه ليقتل أهله، ولا حقارة تسيطر عليه ليقصف شعبه..... عدا عن أسباب أخرى تتعلق بإدارة الأمر والتحكم فيه من قِبل القيادة، فلا حاكم هرب حاملاً ما خف حمله وغلا ثمنه، ولا قيادات تخاذلت، ولا ولا... أسباب كثيرة بلا شك لم تكن وليدة اللحظة، بل تم بناؤها في الدولة على مدى سنوات وكان امتحانها ليلة الإنقلاب.
باختصار ما حدث في تركيا كان: 1 +1 =2، تماماً .
أسباب أدت إلى نتائج تقتضيها السنن الإلهية، رافقها توفيق إلهي بلا شك، ولكن أكبر توفيق كان أن أرى الله عبادة كيف أن سننه نافذة، وأن الدعاء وحده لا يُجدي، والتكبير في المآذن وحده لا ينفع، وأن الإعداد وبناء المنظومة الفكرية السليمة هي التي تقود للنصر، وأن دور الذي خرج في الشارع كان أهم من الذي كبَّر في المسجد، مع أهمية الثاني في استثارة الهمم والتذكير بالاعتصام بالله...
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن