أسباب فشل الحوار
الحوار هو وسيلة التواصل الرئيسة بين الناس، وهو السبيل إلى معرفة آراء وأفكار الآخرين وإفادتهم والاستفادة منهم. ولا يخفَى على أحد أنَّ الحوار قد مرَّ بمراحل عدّة في مجتمعنا، لكنه في تحسُّن مستمرٍّ، ورغم ذلك لا يزال يعاني بسبب بعض الممارسات الخاطئة...
هناك من الأشخاص مَن يعاني من دكتاتورية الرَّأي ولا يقبل الحوار أبداً، وهناك من يريد الحوار حقّاً؛ ولكنَّه يرتكب بعض الأخطاء التي سأوردها في هذا المقال:
• عدم تحديد المصطلحات والمعايير بشكل دقيق، وافتراض أنَّ غيرنا سيفهم ما نقصد. وهذا غير صحيح؛ لأن المعايير تختلف من شخص لآخر، فما يعدُّه البعض طويلاً قد يكون قصيراً بنظر الآخر، وما يعدُّه البعض وسطيَّة يكون مغالاة في نظر غيره، وبالتالي قد يكون هناك اتفاق في الحقيقة بين المتحاورين، لكن ظاهرياً هم مختلفون، لذا صِفوا بالضبط ما تريدون.
• النظر إلى موضوع الحوار كَكُلٍّ واحدٍ لا يتجزأ، فإذا ما أبدى أحد المتحاورين موافقته لجزء من موضوع الحوار، فَهِم الآخر أنه موافق على الموضوع بكامله، وبدأ يحاور في غير المنطقة التي تحدَّث عنها الطرف الأول، مثلاً موظف مرتشٍ لكنَّه كريم، فإن قلنا عنه إنه كريم، فهموا أننا نوافق على رشوته، وبدؤوا محاورتنا عن حرمانية وضرر الرشوة.
• عدم التفريق بين وصف الحالة أو الوضع، وبين إطلاق الحكم عليها، وهنا سأُورد مثالاً يتكرَّر كثيراً: عندما نَصِف الحجاب بأنه فرض على النساء؛ يفهم البعض أننا نحكم على غير المحجبات بأحكام سيئة، ويبدؤون محاورتنا أن الحجاب لا علاقة له بالأخلاق، ويبدؤون إعطاءنا أمثلة عن غير محجبات قدَّموا خدمات كبيرة وأخلاقهن عالية.
• أن يقصد طرف من أطراف الحوار الجدال من أجل الجدال نفسه، وهذه الإشكالية تتكرر كثيراً في الحوارات، فمثلاً إذا قلنا: على الإنسان شُكر مَن يُسدي إليه معروفاً، قال الآخر: علينا أن لا ننتظر شكر الناس على معروفنا. فيكون الجدال المجعجع من غير طحين، ومستحيل أن يصلا إلى نقطة التقاء طالما أنهما يمشيان في طريقين متوازيَين.
• فَهْم المعاني بغير ما هو مقصود منها، وعدم تدبُّر الكلمات، فإن قلنا: إننا لا نفعل كذا وكذا؛ فَهِم الآخر أننا ننتقد مَن يفعله، أو أنَّ هذا الفعل مرفوض بذاته، وهذا الفهم غير صحيح، فقد يكون فعل ما هو مقبول بنظرنا؛ لكننا لا نحب فعله، أو لا يوافق رغباتنا. لذا من الضروري أن نأخذ وقتنا كي نفهم بدقة المعنى المشار إليه.
والحوار مهارة يمكن تطويرها وتعلمها، لذا يمكننا التخلص أو التقليل من كل تلك الأخطاء وغيرها ببعض الملاحظة والتدريب.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن