لا تكن دنيئاً
قالت لي ـ تكشف لي عن قدمها ـ الورم كان هنا ، وبعد ما استأصلته وروحت البيت لقيته خد البنت الصغيرة !
تحكي لي عن زوجها الذي طلقها بعدما أصيبتْ بالسرطان وحرمها من رؤية أولادها.
.
أخرى، تقسم ـ وقد طُلقتْ من سنينٍ عدّة ـ والله يا مروة إلى الآن ما اعرف طلقني ليه !
.
أخرى؛ تقدّم لها احدهم، ذو دينٍ وحسبٍ ونسبٍ ومال ، لا يعيبه إلا أنه مطلّق، قالوا في زوجه ما قيل في الخمر، اقتنعتْ قليلا ووافقتْ مبدئيًا على رؤيته، قبيْل الرؤية قررت أن تتصل بصديقتها المتزوجة حديثًا لتطلب من زوجها أن يسأل على هذا الرجل .. المفاجأة أن زوج صديقتها كان هو هو المتقدم لها !!
.
أخرى؛ رأيتُها يوم ميلاد ابنها البكر .. غاية في الجمال والرقّة والأخلاق، بعد الولد ولد آخر ثم آخر، سمعتُ أن رجلًا يبحث عن زوجةٍ له ، تقدم لفتاةٍ أعرفها ، فإذا به زوج تلكم الرقيقة الراقية الجميلة ..طلقها وأخذ أولادها ، ثم طفق يبحث عن أخرى ..اليوم؛ جاءتني رسالة تخبرني بأن الزوجة الجميلة ذات الخمس والعشرين ربيعا قد ماتت بسكتةٍ قلبية !
.
في قسم الغسيل الكلوي، لا تجد زوجًا مريضًا إلا وتحت قدمه زوجتُه ، ولا تجد زوجةً مريضة إلا وتعرف أنها مطلقة أو في طريق الانفصال !
.
أسرى الحرب؛ يعامَلون بإنسانية ..لا يُقتلون ..ولا يهانون .. (طبعًا أتحدث عن أخلاقيات أسرى الكفار لا أسرى السيسي ) ، حتى إننا في التمريض قد تعاهدنا أن نقدم العلاج للمريض بغض النظر عن دينه ، طالما أنه (تحت أمرتي وسلطتي ومنزوع السلطة والقوة) ..
النبيّ المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، كان يطلق الأسير حرًّا شريطة أن يعلّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة.
أنت .. كم ولدٍ لك علمته زوجتُك ؟ كم مرة تألمت فسهرت بجوارك؟ كم مرة شكوت لها فسمعت لشكواك؟ كم مرة غسلت لك ملبسك؟ حضرت لك ماكلك ومشربك ؟ كم مرة تألمت هي من حمل ولدك وحمل همّك وحمل فقرك وحمل خدمتك ؟
تأكل فضل طعامك وتترك لك الأحسن .. تختطف وقتا من بين براثين يومها لتغمض فيه جفنها لتستيقظ قبلك ؟
السوق والأولاد والمذاكرة والمستقبل وأمك وابوك .. كم من طموحٍ تخلت عنه لتحافظ أنت على تحقيق طموحك ؟
الأرض التي تدوس أنت عليها ، كم مرة انحنى ظهرها لتنظفها لك !
هب أنّها لا تفعل ايّ شيء .. ألم تعش تحتك كالأسيرة ؟
تأتمر بأمرك وتنتهي بنهيك حتى وإن كانت مُرغمة ..
أوصاك حبيبُك بها " اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ .."
وأخبرك أنها عانية ـ أسيرة ـ عندك
"اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ.."
اتقِّ الله فيها ، لله ..
إن كانت المودّة ، فبها ونعمت ..
وإلا فسكن
وإلا فرحمة ..
حتى وإن كان الانفصال هو المآل ..لا تتخلى عن إنسانيتك معها .. عن رحمتك ..
لا تكن دنيئا .. خسيسا ..فاجرا في الخصومة !
لا تهتك سترها وقد استأمنتك عليه .. لا تفشي سرها وقد أمنتك عليه ..
بالله يا أخي .. اتقِّ الله فيها ، لوجه الله وحسب .. لوجه الله .
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة