إخصائية تغذية وكاتبة اجتماعية ومهتمة بقضايا الشابات
علموا أولادكم وبناتكم الطهارة
بداية أعتذر لطرح مثل هذا الموضوع الحساس عند البعض، هنا على الملأ، لكن يستغرب المرء عندما يدخل المدارس في القرن الحادي والعشرين، حيث ثورة المعلومات على أوجها، وحيث لم يبق لأحد عذر في جهل أي شيء، ويزور صفوف المراهقين والمراهقات، فيُصدم من كمية الغازات المنبعثة من الصف، والتي هي خليط من عدة روائح كريهة أقلها سوءا رائحة الجرابات التي لم يتم تغييرها من بداية الأسبوع! ويشعر المدرس والمدرسة الأولى بصدمة التعرض لقنبلة كيماوية، قبل أن يتأقلم الجسم مع الحدث مُجبرا ليكمل الحصة!
.
فقه النظافة والطهارة لا يزال فيه بعض القصور للأسف، جهلا من الآباء والأمهات وخجل في غير محله. هناك قاعدة تقول أن الابن لا يفهم ما المحرج في الأمر إلى هذه الدرجة، حتى يتعلم الموضوع بالطريقة الخاطئة من زملائه ورفاق صفه، ونفس الشيء بالنسبة للفتاة. غالبا ما يكون التعليم قاسيا من نوع – رائحتك مقرفة ألا تخجلين من نفسك – أو يكون ذا غايات خبيثة خصوصا إن تم تدعيمه بالفيديوهات والمقاطع التي أصبح الحصول عليها أسهل من الحصول على ملبس الفراولة!
.
وعندما لا يفهم الابن ما المحرج في الأمر إلى هذه الدرجة، تكون فرصة لكلا الأبوين لطرق الموضوع بالأسلوب الصحيح العلمي المبسّط الذي يحفظ الولد والابن من ناحية الصحة ومن ناحية الدين ومن النظرة الاجتماعية.
.
أول شيء في رأيي تعليم الطفل كيف يستخدم الحمام بطريقة صحيحة. حتى الآن أسلوب تعليم الطفل الذكر قضاء حاجته واقفا هو الشائع. تتحجج بعض الأمهات بأن الطفل لا يزال دون سن الصلاة وبالتالي ليس مطلوبا منه أن يحترز من البول، أقول لها نعم صحيح.. لكن ماذا عن ثيابه التي ولابد سيصلها جزء من (البول غير المحترز منه) وهذه الثياب هي نفسها التي سيجلس بها على الأرائك والأسرة، وسوف يلمسها هو مرارا ثم يضع يده في فمه دون أن يغسلها طيلة الوقت؟ هل يتطلب الأمر حكما شرعيا كي تدركي أن تعليم الطفل قضاء حاجته واقفا ليس من النظافة في شيء؟
.
الشيء الثاني السهل الذي من اللطيف أن يتعلمه كل طفل، هو أن لا يذهب إلى المدرسة قبل أن يخلط ريق الصباح بأي شيء. قطعة تفاحة أو حبة سكاكر بالنعناع. الغالبية العظمى من الناس تستيقظ صباحا برائحة فم غير مرغوبة، مالم تكن أسنانه ولثته تلقى عناية خمس نجوم. ومجرد غسل الأسنان بالفرشاة لا يكفي بل سرعان ما يذهب الأثر وتبقى الرائحة لأن ريق الصباح لم يتغير مالم يفطر الطفل. في حال انه لا يرغب بالافطار إذن على الأقل ليأكل شيئا سريعا برائحة طيبة. كم عدد الأطفال الذين يأتون صباحا لم يغسلوا وجوههم ولم يغيروا ريقهم؟
.
في عمر السادسة إلى الثامنة يكون الأمر مناسبا لتعويد الطفل أو الطفلة على الاستحمام بمفردهم، طبعا يبدأ ذلك بتدريب لعدة أشهر أمام الأم لتطمئن على قدرتهم على العناية بجميع أجزاء جسدهم وثناياها بالطريقة الصحيحة (وأعني بذلك جميع أجزاء الجسم فعلا) التي تزيل عنه أي أذى، قبل أن تتركهم ليستحموا بمفردهم.
.
يجب أن يصل للأطفال أن هناك اختراع اسمه غسل الأحذية – أجلكم الله – كما تغسل الثياب وأنه من الجيد تعريضها للغسل والشمس على الأقل مرة أسبوعيا، وأن الجرابات تستخدم مرة واحدة لا أكثر.
.
الفتى والفتاة عندما يكبران ويصبحان في عمر البلوغ تبدأ مهمة الأبوين الفعلية. بداية من إفهام الفتية ما هو البلوغ وكيف يحدث بأسلوب سهل ومبسط وفي رأيي هذا الأمر يجب أن تتحدث به الأمهات إلى بناتهن في عمر الثانية عشرة وأبنائهن في عمر الثالثة عشر على أكثر تقدير. وما هي الأحكام الشرعية المترتبة مع البلوغ. أيضا إفهامهم دور الهرمونات في الأمر وأنها تلعب على أكثر من صعيد منها التغيرات الحاصلة على الجلد في الأماكن المختلفة، وأن هذه التغيرات باتت تتطلب عناية أكبر من ناحية الرائحة أو النظافة وخلو أماكن الفطرة من الشعر غير المرغوب به. على كل أم أن تأخذ بيد ابنها وابنتها إلى أرفف العناية بالبشرة، وتشرح لهم وظيفة كل مستحضر.. فهذا مزيل للعرق وهذا يزيل الشعر وهذا يلطف البشرة بعد كليهما وهذا يمكن استخدامه أثناء الاستحمام ليبقي رائحة الجسم عبقة أطول فترة ممكنة، وهذه فوط خاصة للعناية بالوجه ذي البشرة الدهنية وفوط أخرى لتقشير الجلد الميت وهكذا.
.
على الفتية أن يفهموا أن العرق عملية فيزيائية طبيعية يقوم بها الجسم لتبريده في حالة ارتفاع الحرارة وأنه نعمة من الله لحفظ توازن الجسم، لكن الشيء غير الطبيعي أن يستمروا في ارتداء ذات الثياب التي تعرقوا عليها كثيرا دون أن يخطر في بالهم غسلها أو استبدالها. ليس من الطبيعي أيضا أن يتعرقوا عدة مرات طبقات بعضها فوق بعض ثم لا يذهبوا للاستحمام.
.
الفتاة الصغيرة في فترة العادة الشهرية عليها أن تتعلم كيف تعتني بنفسها وكيف تحافظ على نظافتها منعا لحدوث التهابات وأنها فترة عادية من الحياة لا تعني الانقطاع عن الماء والصابون أبدا.
.
قد لا يستطيع كل إنسان أن يكون غنيا لكن بالتأكيد حتى أشد الناس فقرا يمكنهم أن يخرجوا للناس بأجساد وثياب نظيفة وأن يحافظوا على بيوتهم خالية من القذارة مهما بلغت بساطتها.
.
أستغرب من البعض الذي يتحجج بالفقر لتبرير قلة نظافة البيت أو النظافة الشخصية. يباع الصابون في المحلات بأشكال عديدة وبقروش زهيدة فأين المشكلة في الأمر؟
.
أخيرا..
مهمة تعليم النظافة والطهارة لأبنائكم وبناتكم هي مهمتكم أنتم بالدرجة الأولى، لا تتركوها للشارع ولا للأصدقاء ولا حتى للمرشدة الاجتماعية أو الممرضة التي تأتي لإعطاء محاضرات صحية في المدرسة. محاضرة واحدة لا تكفي للإجابة عن كل الأسئلة، إن لم تعرفوا الأسلوب الصحيح لفتح الأمر فتعلموه ، لكن لا تتركوا أبناءكم فريسة تجارب هم في غنى عنها
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة