استقالة البرزاني درس في تخلي أميركا عن عملائها
لم يكن التهديد المباشر من قبل نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق جوزيف بينيونتون يوم الأربعاء 18 أكتوبر الماضي لمسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق بأن واشنطن تنتظر منه تقديم استقالته خلال ثماني وأربعين ساعة إلا المسمار الأخير في نعش الولاء السياسي المطلق للولايات المتحدة التي سار فيها البرزاني خلفا لوالده طوال ما يقرب من أربعين عاما.
فتقديم فروض الطاعة والولاء والتبعية وبيع الأوطان من أجل عيون الأميركان ليس ضمانة على الإطلاق لدى الذين يبيعون أوطانهم بأن الولايات المتحدة يمكن أن تحتفظ بهم إلى الأبد أو تحميهم. فهي تنظر لهم في النهاية على أنهم عملاء والدول الغربية لا تحترم عملاءها بل تتعمد إهانتهم حينما تقرر أن تتخلى عنهم.
وهذا ما حدث مع البرزاني ومن قبله مع شاه إيران محمد رضا بهلوي حتى أنه حينما غادر إيران بعد الثورة عام 1979 لم يجد بلدا يستقبله، وكلما حط بطائرته في بلد طلب منه صاحب القرار أيا كان ملكا أو رئيسا أن يغادر لأن الولايات المتحدة طلبت منه، حتى استقبله السادات أخيرا في مصر بموافقة أميركية لا ليعيش ولكن ليموت فيها، وفي العام 2011 تخلت الولايات المتحدة عن ثلاثة من كبار عملائها في المنطقة دفعة واحدة حسني مبارك في مصر وعلي عبدالله صالح في اليمن وزين العابدين بن علي في تونس، وتتعمد الولايات المتحدة أن تهين عملاءها في لحظات التخلي عنهم فبعدما كان يفرش لهم السجاد الأحمر حينما يقومون بزيارة الولايات المتحدة ويستقبلهم الرئيس في البيت الأبيض من أجل الصور التذكارية نجد في موضوع البرزاني أن الذي اتصل به هو نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق، وليس وزير الخارجية أو حتى مساعد وزير الخارجية وإنما موظف صغير مختص بشؤون العراق يتبع مساعد وزير الخارجية، إهانة بالغة.
أما الطلب الذي طلبه هذا الموظف الصغير من مسعود البرزاني الذي كان يعتبر نفسه رئيس دولة كردستان هو أن يقدم استقالته خلال يومين ثم تهديد مباشر هو بأن «الولايات المتحدة سوف تتدخل بشكل مباشر إذا لم يستقل».. هذا الاتصال جاء بعد عشرات المحاولات من مسعود البرزاني للاتصال بالمسؤولين الأميركان حيث أكدت وكالة رويترز أن كل من اتصل بهم البرزاني لم يجاوبوه وفي النهاية طلبوا من موظف صغير في الخارجية أن يبلغه بأن يقدم استقالته خلال يومين وإلا تدخل الأميركان بشكل مباشر ليقيلوه.
في اليوم التالي لمكالمة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي طلب الأميركان من رئيس برلمان كردستان يوسف محمد أن يطلب من البرزاني تقديم استقالته «حفاظا على ماء وجهه» بحسب تعبيره، وبالتالي تم حصار البرزاني من كل جانب، لكن الأبرز في كل ما جرى هو تخلي الإسرائيليين عنه حيث إنهم كانوا الداعم والسند الرئيسي له في الاستفتاء.
ما حدث في كردستان مليء بالدروس السياسية وأهم دروسه كيف تتعامل أميركا مع عملائها أو كما يسمون أنفسهم حلفاءها.
المصدر : الوطن
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة