هكذا انتصر الأسرى الفلسطينيون على الشاباك
في كثير من الأحداث التي نمرّ بها بات يصعب علينا الكتابة عنها، لأنها ذات حدث مستمر، ليس لها وقت ابتداء أو انتهاء، وما نعيشه في فلسطين أحداث متسارعة ومتتالية، في كثير من الأحيان يصعب علينا عيش الشعور كاملاً، ولكن لانهم الأسرى إحدى ثوابتنا الوطنية الفلسطينية، وإحدى ركائز قضيتنا العادلة، وأهم ما يمكن الحديث عنه لأنهم طاقتنا البشرية التي يعمد الاحتلال الى تغييبها خلف قضبان الأسر، كان انتصار الحركة الأسيرة على الاحتلال في معركة الاضراب عن الطعام مطلع نيسان 2019، انتصار تاريخي هام جداً، ولأن الكتابة فعل تأريخ كان لا بد من كتابة حيثيات الاضراب ونتائجه .
سبعة أيام كانت كفيلة بأن تجعل ادارة سجون الاحتلال الصهيوني التي اعتقدت أن صمت العالم تجاه قضيتنا، وأن انشغالاتنا اليومية، والحديث عن هدنة مع غزة، ستكون ضربة ضد الأسرى في معركتهم مع الاحتلال، معتقدين أيضاً أننا كشعب فلسطيني سنترك الأسرى يواجهون الصلف الصهيوني بأمعائهم وحدهم، متناسين أن في كل بيت فلسطيني هناك أسير غائب له مقعده الذي نحلم جميعاً أن يملأها حضورهم.
معركة الاضراب عن الطعام أو ما نسميها نحن الشعب الفلسطنيي بمعركة الكرامة، بدأت في السابع من شهر نيسان، استمرت سبعة أيام والثامن كُتب لهم الانتصار على السجان الصهيوني، كانت معركة ناتجة عن سياسات قمعية ضد الأسرى تمثلت بحملة تنقلات واسعة للأسرى في المعتقلات نفذتها إدارة السجون، الأمر الذي يرهق الأسير من حيث اعتياديته على مكان “غير عادي”، وتركيب أجهزة تشويش مسرطنة هدفها قطع الاسرى عن عالمهم الخارجي تماماً، ولها تأثيرات صحية عليهم، ومنع أسرى حركة حماس من الزيارة، وعزل بعض الأسرى، كل هذا دفع أسيرين فلسطينيين لتنفيذ عملية طعن في سجن النقب ضد سجانيْن، أحدهم وصفت إصابته بالحرجة وفق الاعلام الصهيوني، الأمر الذي زاد من حدة الهجمة الصهيونية على الأسرى، فقرروا خوض اضراب مفتوح عن الطعام، بدأته قيادات الحركة الأسيرة الفلسطينية من كافة الفصائل، وانضم اليها مئات الأسرى.
إدارة السجون ومعها الشاباك الصهيوني بدأ بمحاورة الأسرى تمهيداً لتحقيق مطالبهم المشروعة، بعد قيام المقاومة الفلسطينية في غزة بقصف “تل أبيب” في رسالة للاحتلال مفادها أننا لن نتكر الأسرى وحدهم، وأن أي مساس بحقوقهم سيكون له ما بعده، الاحتلال فهم الرسالة تماماً وخشي تبعاتها، لأن المقاومة الفلسطيني اذا قالت فعلت، والاحتلال الصهيوني يعي تماماً أن المقاومة اذا وضعت معادلة انهتها لصالح الشعب وقضيته، ونتيجة هذا الموقف الصلب والقوي لجانب الأسرى، وقع الشاباك اتفاقاً مع الأسرى يقضي بوقف اضرابهم مقابل تحقيق مطالبهم التي تمثلت بالآتي:
– وقف تشغيل أجهزة التشويش مع وقف نصب أجهزة تشويش جديدة.. وهذا فرض معادلة أن أية تغييرات ستقوم بها ادارة سجون الاحتلال سيكون للأسرى موقفاً منها، والقول الفصل لهم.
– تركيب هواتف عمومية في أقسام الأسرى سيسمح لهم باستخدامها ثلاث مرات أسبوعيا، وباكورة هذا الإنجاز يبدأ تطبيقه في سجن الاسيرات والاشبال.. وهذا من شأنه أن تستطيع عوائل الأسرى الاطفال وكذلك عوائل الأسيرات بالتحدث الى أسراهم، خاصة وأن سجن الأسيرت “الدامون” لا يوجد فيه أية وسيلة اتصال بين الأسيرة وعائلتها إلا عبر رسائل ورقية نادراً ما تصل أو عبر المحاميين فقط، هذا الانجاز سيخفف من وطأة الألم التي تعيشه الأسيرة وعائلتها خاصة إن كانت أماً لأطفال حرمهم الاحتلال منها، وحرمها منهم.
– نقل الأسيرات من معتقل “الدامون” إلى معتقل آخر.. وهذا ما يؤكد لنا أن الحركة الأسيرة لا ولن تنسى الأسيرات اللواتي وصل عددهن ما يفوق الـ 55 في سجون الاحتلال، وأن تحريرهن واجب تحمله الحركة الأسيرة الى جانب المقاومة على حد سواء.
– إعادة الأسرى المرضى في معتقل ” عيادة الرملة” إلى القسم القديم الذي تم إخلاءه بحجة إعادة تأهيله، علماً أن هذا أحد مطالب الأسرى المرضى الأساسية، وذلك لكون الظروف الحياتية في هذا القسم من حيث المساحة أفضل من القسم الذي يتواجدون فيه.. مع التاكيد على أن الاحتلال يمارس سياسة الاهمال الطبي ضد الأسرى دونما اكتراث، في ظل الصمت الدولي تجاه الأمور التي تخص القضية الفلسطينية.
– عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الإجراءات العقابية التي تم فرضها العام الماضي على الأسرى.. حيث قررت ادارة سجون الاحتلال العام الماضي جملة من العقوبات ضد الأسرى أبرزها عزل بعضهم ومنع زيارات وحرمان من “الكنتينا”ووو.
– تخفيض إجمالي الغرامات التي فرضت على الأسرى خلال المواجهة الأخيرة. حيث قررت ادارة سجون الاحتلال بعد عملية الطعن التي جرت في النقب والاعتداء على الاسرى بشكل سافر، جملة من الغرامات المالية.
هذا الانتصار له ما بعده، حيث أدرك الاحتلال أن الأسرى ليسوا وحدهم، وأن المقاومة التي وعدت بتحريرهم ما زالت على عهدها لهم، وأن الشارع الفلسطيني بالتأكيد لن يترك أسراه، وإن كان توجه قيادات السلطة الفلسطينية عكس ارادة الشارع، خاصة في ظل حلّ نادي الأسير “صوت الأسرى جميعهم” وعدم اعتماد وزارة أسرى في الحكومة الثامنة عشر برئاسة محمد اشتية.، الى جانب قطع مخصصات أسرى من حركات تعتبرها السلطة الفلسطينية معارضة لها.
المصدر : مدونة الجزيرة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة