سَهَرُكَ.. يُؤرِّقُني..!
تُناجي القمر.. فلا حبيب يؤنسها.. وحين يغيب تفتش عن نجمٍ يسامرها.. تشكو له وحدتها وغربتها! وتلملم شعث نفسها إذ يجب عليها أن تخلد للراحة بعد يوم طويل.. تصلّي ركعتين.. وتحاول أن تغفو على لحن القسوة وبلل الوسادة! تكبت حُرقتها من غيابه المتكرر عنها.. ذاك الذي اعتقدت يومًا أنه سيزيّن حياتها بالسعادة ويطرّزها بالحنان.. ويكون لها سَكَنا! فإذا بالوحشة تنهشها.. غاب دون عذر.. ليكمل حياته «الليلة» مع أصحابه وينسى قلبًا تحطّم من الفراق واكتوى!
يدخل البيت بهدوء ويقع مهدودًا على السرير.. لم يشقّ على نفسه بتغيير ملابسه.. تفتح عينيها اللتين لم تذوقا طعم النوم لتكتمل فصول المسرحية..
هي: ألا تريد أن تلبس «البيجاما» لترتاح من ثياب النهار؟
هو: ألم تنامي بعد؟ لِم تسهرين إلى هذه الساعة المتأخرة؟.
هي: أريد أن أطمئن عليك أنك بخير! أنتظرك ككل ليلة ولو أنني مرهقة!
هو: أنا بخير.. لا تنتظريني بعد اليوم.. هاتي بيجامتي ونامي..
هي: لِم تتأخر كل يوم.. ألا ترأف بي؟ تتركني وحيدة وتفتش عن سعادتك مع أصحابك! وأنا؟!
هو: لا أقصّر عليك في طعام أو شراب.. من حقي أن ألهو مع أصحابي وأتصرف كيف أشاء.. لست بحاجة إلى تعليماتك أو إذنك لأفعل ما أريد..
هي: لِم تزوجتني إذا كنت تجد سعادتك هناك مع أصحابك، وانسجامك مع شلّتك؟ تتركني هنا دون أن أعلم حتى أين أنت! وكأنني جارية فقط لخدمتك!
هو: أنا حُرّ!!.. إن لم يعجبك ففارقيني!!
مشهد متكرر.. ليس حكرًا على مَن تزوجوا منذ زمن.. بل صرخة المتزوجات الجديدات بعد شهور من زواجهنّ تصمّ أيضًا.. الزوج يريد أن يكمل حياته على المنوال نفسه الذي تعوّد عليه.. والزوجة تريده لها في كل وقت وحين.. وتحاسبه إن غاب بعد عمله حتى لو لم يُطِل السهر أو لم يكن يوميًا! فما الحل؟ وأين مَكْمن الخطأ؟!
أختي الزوجة..
• فتّشي عن الأسباب التي تدفعه للخروج من المنزل حتى ساعة متأخرة.. فمعرفة السبب تهوّن من إيجاد الحلول.. هل هي أنانية منه أو استهتار؟ تعوّد على نمطية حياة معيّنة؟ مشكلة في العلاقة الحميمة؟ هروب من الطلبات أو المشاكل وسوء التعامل؟ فلا تُلقي باللوم على زوجك وحده إذ قد تكونين أنتِ مَن يدفعه للهروب!
• إيّاك والمنكرات الزوجية: التصادم والتعيير والمحاسبة والتنكيد والتأنيب والتعصيب والنقد.. فلن يقبل منك ذلك لأنه ليس طفلًا صغيرًا وهو «الرجل» وهو «القوّام».. فعليكِ أن تنظري لأسلوبك حتى لا ينفر منك, وربما أصرّ ليكيدك!
• واعلمي أنه من حق زوجك أن يشارك أصحابه كما كان يفعل أيام العزوبية.. خاصة إن كان اجتماعيًا.. واحرصي أن تُظهِري راحتك عند ذهابه وأخبريه أنك سعيدة لذهابه حيث يحب ولكنك ستشتاقين له كثيرًا وستنتظرينه بشغف.. وفي جلسات هادئة بينكما أخبريه بحب ودلال أنك تفتقدينه كثيرًا حين يغيب، واجعليه هو من يختار الحل بتقنين خروجه حتى لا تشعري بالوحدة.. واقبلي التدرّج؛ فقد يقلّل من التأخر في بادئ الأمر ثم يخفِّف من الأيام التي يخرج فيها ليلًا مع أصحابه..
• استقبليه عند عودتِهِ بابتسامة «العروس» وإغراء «الأنثى».. ومع الأيام سيشعر أنه بابتعاده عنك حتى ساعة متأخرة يفقد لذة لا يجدها عند أصحابه وسيعود لحضن بيته الدافئ! فالإبداع والتجديد في العلاقة لهما مفعول السحر على قلب الرجل!
• لا بأس برسالة صغيرة تبثّين فيها شوقك إليه وتخبرينه أنك تريدين الاطمئنان أنه بخير.. دون أن تلحّي عليه: متى ستأتي ولِم تأخرت؟!!
سلاح الدعاء لا يخيب فسهامه صائبة لا محالة؛ فألِحّي على الله تعالى أن يعيد لك زوجك ويرزقك الرضا.
• لا تجعلي زوجك المحور الوحيد في حياتك حتى لا تتعطّل حياتُك في غيابه أو تكون وقفًا له وحده.. يمكنك الاستفادة من الوقت الذي يغيب فيه لتطوير نفسك والمطالعة والعبادة وطلب العلم أو غيرها من الأمور التي تُحبِّين..
إذا كان الزواج مودة ورحمة وسكَنَا.. فلا بد أن نُتقن مفردات هذه الدعائم الثلاث لتستقر بيوتنا.. وغياب الزوج «الدائم» عن البيت ليلًا كان أم نهارًا مِن شأنه أن يكثِر من النزاع والشقاق ويُنتِج هوّة عميقة بين الزوجين.. بالإضافة إلى آثار دينية وصحية وتربوية واجتماعية سيئة جدًا على الأسرة خاصة في وجود أولاد يشعرون بتقصير هذا الأب وغيابه فيعانون من التعاسة والحرمان والصورة المشوّهة للزواج والأب القدوة!
أخي الزوج.. تَفَكّرْ في عواقب هذا السهر عليك وعلى عائلتك.. بما فيها من تضييع لحقوق الله جل وعلا وحقوق نفسك وأسرتك.. فصحتك على المِحَكّ وقد ينشأ عن هذا السهر أعراض كثيرة منها التعب والتوتر والقلق وضعف الذاكرة وسرعة الغضب وضعف جهاز المناعة وارتفاع الضغط! واستقرار بيتك مهدَّد! فهذا السهر سيؤدّي بلا أدنى شك إلى إهمالك لواجباتك وقلة التواصل العائلي وإعراض الأهل عنك!
أيتها الزوجة.. أيها الزوج.. بادرا إلى تبديل هذه الحال إلى أفضل مستعينين بالله جلّ وعلا متوكّلين عليه حتى لا تصِلا إلى دركٍ أسفل تندمان بعده على ما فات من عمرٍ كان الأحرى بكما أن تعيشاه بسعادة وحب!.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة