كيف نستغلّ ما تبقّى من الإجازة؟
كتب بواسطة تسنيم الرنتيسي
التاريخ:
فى : تحقيقات
2939 مشاهدة
تخيّل أنّك مُسافر وعند وصولك للمطار ولم يتبقَ سوى عشر دقائق فقط على إقلاع طائرتك حينها تذكرت أنّك نسيت حقيبتك الخاصة وجواز سفرك وتذاكر رحلتك، عندها من المؤكد أنك ستتألم كثيراً، لذلك تخيّل أنّك بعد ثلاثة أشهر وفي آخر يوم من الإجازة الصيفية نسيت أن تكسب طفلك معلومة، أو تجعله يتقن مهارة، أو يحفظ سورة أو يصل قرابة، حتماً حينها ستتألم أكثر، فاعلم أنّ الحياة فُرَص وأنّ الفرص تموت سريعاً، ومن يضيع تلك الفرص فهو كالذي يمسك الأوراق النقدية ويقوم بتمزيقها فماذا نقول عنه سوى مجنون؟ والوقت كذلك بل أغلى من المال؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يشتري دقيقة بالمال.
ها نحن في الثلث الأخير من الإجازة الصيفية، وقد بدأ العد التنازلي للعودة إلى المدارس، فكيف يمكن تدارك ما تبقّى من الإجازة حتى لا نفسد ما أصلحه العام الدراسي؟
شمولية وتنوع البرامج الصيفية
من جهته، يقول الاستشاري الأسري والأخصائي النفسي زهير ملاخة:" إنّ الراحة والاستمتاع بالإجازة شيء مطلوب بالطبع، لكن نحن لا نريد الأثر السلبي لها، فالعقل كأي شيءٍ آخر يحتاج إلى التمرين المستمر"، مشيراً إلى أنه يسود اعتقاد خاطئ بين الناس، وهو أنّ الإجازة الصيفية فرصة الناس للراحة من أعباء الدراسة طوال العام، وبالتالي فإنّه يقضي أغلب الإجازة دون أن يفعل شيئًا مفيدًا لنفسه".
الاستشاري الأسري زهير ملّاخة: يسود اعتقاد خاطئ بين الناس، وهو أنّ الإجازة الصيفية فرصة الناس للراحة من أعباء الدراسة طوال العام، وبالتالي فإنّه يقضي أغلب الإجازة دون أن يفعل شيئًا مفيدًا لنفسه.
وأضاف أن من أهم النصائح لاستغلال الإجازة هو استمرار بناء القيم في الطالب بطرقٍ متعددة سواء كانت أسرية أو عبر المساجد أو بالأنشطة الصيفية.
وبين أنّه يجب أن يركز الوالدان والقائمون على البرامج الصيفية على تنمية كل الجوانب عند الأطفال فمثلاً: (الجانب التعبدي) مثل: قراءة أو حفظ القرآن، أو قراءة الكتب والقصص الدينية، (الجانب النفسي): أي تعديل الأخلاقيات والسلوكيات، (الجانب الاجتماعي):أي تنمية العلاقات والزيارات العائلية، (الجانب الفكري): كأي شيء تعليمي مثل الدورات، (الجانب اللغوي): تنمية المهارات اللغوية سواء للغة الأم أو للغات الثانوية كالإنجليزية، (الجانب الحركي): كل أنواع الرياضة كالمشي والسباحة والجري، و(الجانب الحرفي): أي شيء يتم صنعه كالحرف اليدوية والتخطيط والزخرفة والحياكة.
قاعدة لاستثمار الوقت
وأوضح ملاخة أنه يجب مواصلة الاهتمام بكفاءات الطالب التربوية خلال الإجازة من خلال البرامج الصيفية لتنمية ثقته بنفسه، وتعزيز مهاراته وقدراته العقلية والنفسية والوجدانية، بالإضافة إلى استثمار الإجازة بالاستفادة من طاقته في تعزيز الهوية الوطنية، وأيضاً محاولة الكشف عن الهوايات والميول وتعزيزها وإشباعها بشكل تعليمي تطويري، على حد تعبيره.
ولفت إلى ضرورة أن ينتبه كل قائم على برنامج صيفي بأن المرونة والطلاقة والفسحة والترويح والمشاركة بالاختيار ووضع الأهداف وشكل الأنشطة ومواعيدها كل ذلك ضروري ليعود بالنفع على الطفل.
وذكر ملاخة أنّ هناك قاعدة لاستثمار الوقت تتكون من ثلاث كلمات إذا اجتمعت في أي برنامج تربوي كان الاستثمار نافعاً وهي: أولاً- أن يكون نافعاً كأن يُكسِب أجراً، أو يُنمّي مهارة، أو يفيد صحة، ثانياً-أن يكون ممتعاً مسلياً، ثالثاً- أن يكون آمناً أي بعيداً عن أي شكل من أشكال الضرر سواء بالشكل أو الهمز أو التهور.
وأكد ملاخة أنّه من أصعب الأمور وأشقها على النفس هو ترك الطفل أو الطالب للفراغ ودون هدف أو توجيهات خلال الإجازة؛ لأنّه حتماً سيشعر بغياب الجدوى ويميل إلى نفسه ويتأثر بحاجاته الفسيولوجية وللكسل أكثر ، ويتأثر بكل ما يشبع تلك النزعات من أشخاص أو برامج، وهذا كفيل بأن يُفسِد ما أصلحته المدرسة والعام الدراسي.
ملّاخة: هناك قاعدة لاستثمار الوقت تتكون من ثلاثة أمور وهي: أولاً- أن يكون نافعاً كأن يُكسِب أجراً، أو يُنمّي مهارة، أو يفيد صحة، ثانياً-أن يكون ممتعاً مسلياً، ثالثاً- أن يكون آمناً أي بعيداً عن أي شكل من أشكال الضرر سواء بالشكل أو الهمز أو التهور
الإجازة بيئة خصبة لكسب السلوكيات والمهارات
وقال ملاخة: "إنّ الإجازة الصيفية لهذا العام كانت مليئة بالمناسبات التي تُشكل بيئة خصبة لتعليم الطفل واكتسابه للعديد من المهارات والسلوكيات لو أوجدنا برنامجاً أُسرياً جميلاً من خلال مناسبات العيد والزيارات المشتركة للعائلات والأقارب لتعزيز معاني تربوية واجتماعية، ومن خلال شهر رمضان والصيام الجماعي والجلسات الأسرية النابعة من الحب والدفء، بالإضافة إلى الاستعداد المدرسي والتهيئة النفسية والمعنوية الجميلة".
وختم ملاخة حديثه بالقول: "إنّ تهيئة الطفل للمدرسة تكون بالاستعداد المشترك، وبمدى الأجواء الجميلة والعلاقة الأسرية مع الطفل وغرس محبته للمدرسة ، قد يصيب الطفل حالة من القلق لكنه سرعان ما يزول، وهذا الاستعداد يزيد حتماً من إيجابية الطفل مع نفسه وأمام الآخرين ويُشعره بقيمته بعكس الطالب الذي يهمله أهله دون حرص صحي وجسدي ومدرسي".
الثلث الأخير من الإجازة هو الأهم للتهيئة
من ناحيتها، قالت نهال الحلو -معلمة اللغة الإنجليزية-:" إنّ استغلال الإجازة الصيفية حتى تعود بالنفع على الطالب ولا تهدم ما بنته المدرسة خلال السنوات الماضية يكون عبر تسجيل الطالب بمخيمات ترفيهية تعليمية وتربوية"، منوهةً إلى أنه يمكن ابتكار ألعاب تعليمية مرحة وفي نفس الوقت تربوية ممكن أن تُحفز ذاكرة الطفل بعمليات سبق وتعلمها كالطرح والجمع والضرب.
وأردفت قائلة: "أما بالنسبة لتمكين اللغة عند الأطفال فيمكن تمكين مهارة القراءة أكثر من خلال قراءة القصص أو عبر تسجيل الطفل بالمكتبات العامة مثل: مركز القطان المتواجد في قطاع غزة، أو عبر الدورات التعليمية".
وأكدت الحلو على أن الأسابيع الأخيرة من الإجازة الصيفية هي أكثر الأوقات أهمية لتهيئة الطالب كونها الأقرب للعام الدراسي والأضمن لتخزين المعلومات وفق تجربتها كأم ومعلمة في الوقت ذاته.
المعلمة نهال الحلو: الأسابيع الأخيرة من الإجازة الصيفية هي أكثر الأوقات أهمية لتهيئة الطالب كونها الأقرب للعام الدراسي والأضمن لتخزين المعلومات
مراجعة المعلومات المهمة
وأـوضحت أنه يمكن خلال الأسابيع الأخيرة تنظيم جدول لمراجعة بعض المعلومات المهمة، مثلًا: حروف العربية والانجليزية، أو محادثة بسيطة بالإنجليزية لتذكير الطفل بالمهارات التي تعلمها، أو إجراء بعض العمليات الحسابية كالجمع والطرح، أو قراءة بعض القصص واستخراج بعض المهارات منها، ومراجعة بعض الآيات القرآنية أو حفظ آيات جديدة سيأخذها خلال العام الجديد، وفق الحلو.
واسترسلت: "كما يمكن عرض أكبر قدر ممكن من المنهاج الذي سبق وتعلمه الطفل من خلال الصور أو الفيديو أو حتى الألعاب الإلكترونية، وبهذا يمكن للوالدين تطويع التكنولوجيا لتحقيق أهداف سامية، خاصة أن المناهج أغلبها متوفرة إلكترونياً".
نصائح لتهيئة الطفل للعام الدراسي
ووجهت الحلو بعض النصائح العملية لتهيئة الطفل للعام الدراسي الجديد، وهي:
1- التحدث عن المدرسة: ابدأ بتكوين اتجاهات إيجابية من خلال التحدث مع الأبناء عن أهمية المدرسة وبيان محاسنها مع سرد القصص المشوقة عنها، وذكره بأنها الطريق للوصول لما يرغب من المهن المستقبلية، وحدثه عن أجر طالب العلم.
2- ذكّره بالذكريات الجميلة التي حدثت في الأعوام الماضية في كافة المراحل العمرية: كتذكر فوزه بمسابقة أو مباراة أو إحرازه لدرجة عالية في الامتحان الأمر الذي يجعله مستعد نفسياً ومتشوقاً للمدرسة.
3- عدّل موعد النوم والساعة البيولوجية لطفلك تدريجياً قبل بدء العام الدراسي بأسبوعين على الأقل: لتجنب التأخير عن المدرسة ما يسبب التوتر .
4- التلفاز والألعاب: التقليل من مشاهدة التلفاز والألعاب الإلكترونية والهواتف الذكية قبل أسبوعين من بداية الدراسة.
5- الأنشطة التحفيزية: أداء بعض الأنشطة التي تتناسب مع عمره مثل: كتابة جملة يومية من تعبيره وتحويلها إلى رسم، واجراء بعض العمليات الحسابية الملموسة.
6- مستلزمات المدرسة: المشاركة في تحضير ما يلزم المدرسة من ملابس وقرطاسية مهمة جداً؛ لأنها تجعله يستعد نفسياً كونها جديدة وانقطع عن استخدامها منذ فترة.
7- النشاطات الترفيهية: تذكيره بمتعة الرحلات المدرسية ومشاركته بالأنشطة اللامنهجية المفيدة.
8- الابتعاد عن تخويف الطفل أو تهديده باقتراب المدرسة: بل يجب تحفيزه بأنّه سيذهب ليلتقي بأصدقائه ومعلماته.
9- لا تربك نفسك قبل المدارس بيوم والأسواق والمكتبات مكتظة: بادر بشراء مستلزمات المدرسة وعندك متسع من الوقت واستمتع مع طفلك بهذه الأجواء ، ولا تجعل هدفك مادياً بحتاً وتغفل عن الاستعداد النفسي لطفلك، فالدافعية تنشط سلوك الطالب وتوجهه وتبث فيه الحماس.
10- حاول على المنهج المقرر وأخذ نظرة سريعة عنه.
11- لا تنس أهمية التواصل المستمر ودوره الفعال بين الأسرة والمدرسة لتقضي على ضعف طفلك في بعض المواد الدراسية أولاً بأول ولتشعر طفلك باهتمامك به.
المصدر : موقع بصائر
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة