أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
نحن العالميون
تقبـّل الغير، واحدة من المصطلحات التي جاءتنا من عندهم، من عند اليهود والنصارى لنحبهم ونقبل كل ما يأتي منهم. وإسلامنا علمنا أن نعرض كل شيء على ميزان "هل يرضي الله ورسوله أم لا؟". فلا نقبل الرأي الآخر ولا الفعل الآخر ولا الدين الآخر ما دام لا يتوافق مع إسلامنا.
معايير جودتنا من عندهم، وهم من يمنح شهادات الجودة في كل شيء: في الصحة والتعليم والدواء و الغذاء والصناعة والبناء، على أساس أنها معايير عالمية... ولماذا لا نكون نحن العالميين؟ فإسلامنا عالميّ فعلا.. لأنه من عند الله.
وأخذنا منهم خطط دروسنا في صفوفنا ومناهجنا ، وألعاب أطفالنا، ونظريات التربية... و كأن عالمنا الإسلامي القديم والحديث خلا من الناجحين والخبراء !
ننفذ ما يريدون ونتسارع في تحضير أوراق واختبارات وتحاليل نتائج حتى يوافقوا على منحنا اعتمادهم، وسيقررون إن كنا نستحق الجودة أو لا نستحق، بينما نحن الأمة التي علمها رسولها الإتقان في كل قول وفعل، وعلمنا كيف نصل المرتبة الأعلى بالإحسان ، وأجورنا لا حصر لها إن نوينا الإخلاص .
قلدناهم في نوع التحية التي يختارها الأطفال لتحية معلمتهم قبل دخولهم الصف، فيختار الطفل العناق أو الأحضان أو إشارة الحب أو المصافحة... يا قوم ! أليس لنا سلامنا ومصافحتنا وابتسامة ترافق ذلك أجرها كصدقة، وذنوب تتساقط وحسنات؟
قلدناهم في جملة تقال لإعادة الهدوء والانضباط للطلاب فقلنا نفس العبارة التي يقولون " هاي فايف"! أعجزت اللغة العربية عن كلمتين كرمز لإعادة الضبط ؟ في دورة قدمتها كنت أقول عندما أريد استعادة الانتباه : السلام عليكم ، فأحقق بها أجر السلام والرد والتربية ، وأعيد الضبط بلغة عربية.
كذلك صمموا لنا لبسنا هذا العام، وماذا نلبس في الصيف والشتاء..دورات الرقي والأدب "الإتيكيت "من عندهم وطريقة المشي والجلوس ومهارات الذكاء الاجتماعي و العاطفي .. أما قال رسولنا" لا تغضب" يعلمنا أن نتحكم في مشاعرنا ؟ أليس لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة ؟ في حديثه وضحكه ونومه ومزاحه وإنصاته وأكله وشربه ولبسه و....؟ ألم يقل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لذلك الرجل الذي يمشي متماوتا: "هيه، أمتَّ علينا ديننا أماتك الله، اعتدل في مشيتك وأظهر عزة الإسلام .".
واحتفلنا بأعيادنا وأضفنا إليها أعيادهم، بل ..و شاركناهم فيها.
قلدناهم حتى في طقوس إعلان جنس الجنين، فأتينا بالنفاخات وفرقعناها وصرخنا عند رؤية اللون الأزرق أو الزهري وصفقنا وتعانقنا....
وقلدناهم في برامجهم الحمقاء تقليدا طبق الأصل، فأصبحنا فعلا الذين دخلوا جحر الضب كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
أي ضعف هذا وأين نمضي وإلى أين نريد أن نصل ؟ سؤال لا معنى له لأن الإجابة واضحة، ما دمنا نتبع طرقهم وأهدافهم وخططهم فلن نصل إلا إلى جحر الضب حيث القذارة والهلاك المؤكد.
الله ملك الملوك شرع لنا دينا كاملا شاملاً مستقيماً ، ربى أقواماً آمنوا به وأعزهم ، فملؤوا الأرض جمالاً وعدلا ًوعلماً وقوة وحضارة، يشهد على كل ذلك المكان والزمان في كل ناحية من الكرة الأرضية.
نريد أن نوقف سيل التدفق إلى جحر الضب ... نريد أن تعود لنا هويتنا وختم جودتنا نحن .
المعادلة بسيطة وفي اتجاه واحد فقط:
نتأمل وندرس قرآننا ونبينا (ف ) نضع البرامج والمؤلفات والمشاريع استفادة من شرعنا وبناء عليه = حياة عزيزة الإسلام شعارها .
سنرى أنا صنعنا كثيرا واستغنينا عنهم كثيرا.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة