وصفة
هو واثق، متزن نفسياً، قانع، قلبه نظيف، مسامح، لا ينظر إلى ما عند الغير بعين الحسد، يرى أنه دائماً في خير ويتوقع الأفضل دائماً.. لا يحمل همّ المستقبل ولا يبكي على فائت، يستمتع بكل لحظة، مطمئن إلى ربه، فتراه سعيداً دائماً..
إن أراد النوم وضع رأسه على الوسادة فنام في سلامٍ دون صراع أو عراك مع سرير أو غطاء، عندما يأتيه رزق مهما كان نوعه وكميته فإنه يحمد الله وينفق منه مبتهجاً، وعندما يكون في عمل يؤديه نشيطاً مخلصاً، لا يشترط طعاماً ولا يعيب شراباً..
إن أصابه الإعياء تناول دواء يعينه كي يستمر، وإن خرج في نزهة استمتع بكل تفاصيل الرحلة كيفما كان مستواها فاخراً أو بسيطاً.. وإن خلا جيبه لا يخبر أحداً ولا يظهر حاجته، وتفهم أن ضائقة ألمّت به من كثرة استغفاره.. لا تراه يحزن ولا يشكو ولا يتذمّر ولا يتسخّط حتى في حال المرض والمصيبة هو دائم الحمد والشكر.
لا يقف كثيراً عند الإساءة إليه، يعطيها ظهره ويستمر للأمام، وهذا سّر من أسرار قوته وإنتاجه دون توقف.. يحبه الأصدقاء ويخجل من دماثة خلقه الحسّاد.
باختصار، يستطيع أن يحيا سعيداً مهما تقلبت أحواله شدةً أو رخاءً أو بينهما..
وباختصار آخر: يتقن فنّ التّصالح مع الظروف والأحداث والناس ومع نفسه..
ثم وصلتُ إلى نتيجة أجمل، وصلت إلى ما وراء التصالح مع كل شيء، إنه الرضا!
الرضا بابُنا إلى الجنة، لأن الراضي يرضى عن رزقه وما عنده سعيداً ممتناً شاكراً فضل الله عليه ومؤدياً حق هذا الرزق كما يريد الله، ويرضى عن شكله وخلقته فيرى أنه جميل كما خلقه الله، ويرضى عن قدراته ومواهبه وينميها ويحسّنها ويسخّرها في خدمته ونجاحه ونجاح من حوله والناس أجمعين.
وهو أيضاً، يفهم جيدا قول الله تعالى: ﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا﴾ فينفّذ الرضا حتى في حال المصاب، لأنه عارف بالله فيعلم أنّ في هذه المصيبة خيراً له لا شراً عليه..
وصفة للرضا:
ذات يوم، وبينما كنت أشعر أن لا شيء كما أريد، وكل شيء ضدي وامتلأت ضعفاً ونقمة على الدنيا، وبينما أنا كذلك، خرجت من منزلي فانتبهت أني قلت: بسم الله، آمنت بالله، اعتصمت بالله.. ركبت السيارة وقلت: سبحان الذي سخر لنا هذا.. دخلت المكان وقلت: بسم الله ولجنا.. شربت قهوة وماء فحمدت الله، لقيت الأحبة فرجوت أن يكتب لي أجر السلام والابتسام.. وأحصيت خلال نصف ساعة فقط كم أنعم الله عليّ، ولعل أعظم ذلك: فرص الذكر والأجر.. فشعرت بأني جاحدة وأني غنية من فضل الله ! ثم.. ودون إصدار أمر مني أخذت نفساً عميقاً، فعدت وحمدت الله على قدرتي على التنفس!!
ابتسمت.. ورضيت بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً!
لننتبه لنعم الله علينا ولنحصِها كلما شعرنا بعدم الرضا، سنرضى حتى يصبح الرضا عادة وعبادة.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن