قصة أمي
قصة أمي فيها عبر وعظات، وحكم وفوائد، فاسمعوها مني، وسأبدأ من البداية.
ذكرياتي الأولى عن أمي حزينة، فأمي لم تكن مرتاحة حين وعيت على الدنيا، كانت على خلاف دائم مع والدي لتباين شخصياتهما، أمي تعيش في عالم ووالدي في عالم آخر ولا أدري كيف صبرت أمي ثماني سنين حتى فصمت عرى تلك العلاقة العجيبة.
فمن هي أمي وما قصتها؟
أمي اسمها بيان الطنطاوي، وهي الابنة الوسطى للشيخ "علي الطنطاوي" الفقيه والأديب، ولدت في دمشق، يوم 27 آذار عام 1946، في حي المهاجرين ونشأت في دمشق، ودرست في مدارسها.
وعاشت أمي طفولة حلوة بين والديها ومع رفيقاتها وفي ربوع بلدها الرائع، وكانت الأثيرة عند أبيها منذ ولادتها وحتى موته، أحبها كثيراً وتآلف معها لتوافق شخصياتهما وتقارب طباعهما ووحدة تفكيرهما، ولأنّ جدي يحب الذكاء ويحترم القدرات.. وقد تميزت أمي -منذ طفولتها الأولى- بالذكاء الشديد وسرعة البديهة والقدرة على المحاورة والمداورة، وظهرت عليها قوة الشخصية قوة الإرادة وعرفت بالتصميم فلا تقبل بالهزيمة ولا تعترف بها وتسعى بدأب حتى تصل لمبتغاها، كما أنها جريئة وشجاعة وعندها قدرة على ربط المعلومات وتنميقها لتكون مؤثرة ولتتضمن "الحجج المقنعة" لمن يسمعها وتستطيع ارتجال محاضرة في دقائق عندما يُطلب منها فجأة ذلك في مناسبة ما أو لقاء.
ولما كبرت بدت عليها الحكمة وصقلتها الحياة ودربتها السنون، وهي إنسانة متفائلة ومقبلة على الحياة، وليس أدل على ذلك من وجودها في ماليزيا الآن طالبةً في الجامعة الإسلامية العالمية تسعى لنيل درجة الدكتوراه بعد أن أنهت الماجستير وهي في الخامسة والستين من عمرها!
وأعود إلى سيرتها لما صارت أمي في صف التاسع (الثالث الثانوي) جاءها والدي خاطباً، وكان والدي من عائلة لا تأبه للتدين كثيراً فخالفهم أبي والتجأ إلى المساجد والمشايخ، ولما أراد الزواج طلب ذات الدين ولم يجدها فيمن يحيط به، فدلوه على ابنة الشيخ "علي الطنطاوي" ولم يكن يعرفه من قبل لكنّ قريباً له يشغل منصباً شرعياً كبيراً في دمشق دلّه عليه، وبمجرّد دخول والدي على جدي رحمه الله أدرك جدي بفراسته المعهودة أن والدي لا يصلح لأمي أبداً لا شكلاً ولا مضموناً، وعلى عادة جدي عندما يتقدم خاطب لإحدى بناته يطلب منها أن تراه من النافذة فإذا أعجبها وانشرح صدرها تدخل وإلا فلها حق الرفض.. وعرفت فيما بعد أنّ والدتي بدأت دموعها بالانهمار بمجرد رؤيتها له من الخارج ومع ذلك دخلت!! وعندما أسألها: لم دخلت؟ تجيب بأنها لا تدري وكأن قوة خفية كانت تسيرها!! وزيادة في غرابة قصة زواجها أن الموضوع تم وكانت في بيت والدي خلال اثني عشر يوماً فقط!!!!!!! وبقيت دموعها تنهمر إلى أن طلبت الانفصال بعد ثماني سنين!!!...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة