الآباء.. وتربية الأولاد
الكثيرات من الأمهات اللائي يطلبن استشارة تربوية لأولادهن كثيرا ما يؤكدن على أن الآباء لا يعرفون شيئا عن المشكلة مخافة أن يبطشوا بأولادهم..
سيما لو كانت المشكلة تتعلق بالجانب السلوكي..
لكن الكثير من المشكلات الآن تجاوز الحدود بشاعة وشناعة، ولا تزال الكثير من الأمهات يخفن من ذلك الأب البعبع الذي رأس ماله الصراخ والضرب والوعيد..
أرسلت إحداهن تتكلم عن إدمان بعض أولادها للمواقع الإباحية...
وأرسلت أخرى تتكلم عن السرقات التي تعددت من أحد أولادها...
وثالثة تتكلم عن وصول ابنتها في العلاقة بالشباب إلى حد لا يمكن السكوت عنه...
ورابعة وخامسة وعاشرة... وكلهن يؤكدن على أن والدهم لا يعرف شيئا عن الأمر، لأنهم لا يتحملون نقمته وردة فعله...
وكنت أنصحهم بغير ذلك...
فلا ينبغي أن يكون الأب مهما كانت شدته أن يكون سقط متاع في أمر أولاده.
إلى أن سألتني إحداهن عما يمكن أن تفعله مع ولدها الذي وصل أذاه اللاأخلاقي إلى أخواته البنات، وتكاد تموت خوفا من مجرد التفكير في أن يعرف زوجها الخبر!!
اشتطت غضبا هذه المرة..
إلى متى يظل دور الأب لا يعدو دور الثور الذي يهيج لملمات الأمور، ولا يملك سوى الضرب والصراخ مهما تفادحت المشكلة وتعاظمت؟
وإلى متى تظل الأمهات يعلمن خبايا الأولاد ويتركن المصاب حتى يعظم ثم تحار في الأمر؟
وإلى متى يظل الكثير من الآباء آخر من يعلمون، لفرط انشغالهم بالعمل أو الهاتف، أو الواجبات الثانوية على حساب الفروض الوالدية؟
الأمور تتفاقم في البيوت، وكثير من الأمهات رأس مالهن الضعف، وكثير من الآباء رأس مالهم الصراخ والضرب..
البيوت لا تقوم على هذا...
البيوت تقوم على الشراكة الكاملة بين الأبوين...
البيوت تقوم على الأمان التام بين الزوجين سيما فيما يخص أولادهما...
البيوت تقوم على أم تعرف المشكلة لقربها الزماني والمكاني أكثر من الأب، وأب يتعامل مع المشكلة بما حباه الله من قدرة نفسية على الثبات ورباطة الجأش وحسن التصرف، بمشاركة الأم طبعا..
البيوت تقوم على اقتراب من الأولاد يجعلنا نكتشفهم أولا بأول قد أن يستفحل الداء ويصعب الدواء.
أيها الآباء الذين لا يملكون إلا الصراخ، غيروا من أدواركم هذه، فالأبوة أكبر من كونها حنجرة تصرخ، ويدا تضرب، وشخصا يخيف!!
وما طرأ على بيوتنا وأولادنا الآن أصعب من نتعامل معه كما كان يتعامل السابقون..
فليس الزمان كالزمان ، ولا الفتن كالفان، ولا الأولاد الآن كما كنا...
ويا أيتها الأمهات، ابنوا حياتكن مع الأزواج على الصراحة والوضوح، ولا تحملن أنفسكن ما لم يحملكن الله...
فالأولاد يضيعون بين أمهات لا يملكن إلا الضعف والبكاء...
وآباء كل زادهم التخويف وعلو الصوت في الأرجاء..
ولأن يلتقي الأبوان ويتصارحا على حل نصف المشكلة في مهدها...خير من أن يختلفا ويتباعدا-خوفا أو جهلا- فتصبح المشكلة ألف مشكلة.
اللهم بلغت...اللهم فاشهد.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن