قضايا البلاد والعباد.. وسبل علاجها
كتب بواسطة د. محمد عبد القادر عطوات
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
969 مشاهدة
إنّ أمتنا تعاني في الوقت الراهن من مشاكل كثيرة متنوعة ، ولن يصلح حالها إلا بما صلح به أولها ، حيث بدأ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام بالالتزام بأوامر الله والانتهاء بما نهى عنه قبل دعوة الآخرين إلى العبادات والعقائد ومكارم الأخلاق ، فكانوا قدوة صالحة يتأسّى بها الصالحون، فمنهم من بذل ماله، ومنهم من ضحّى بنفسه، ومنهم من بذل جهده في سبيل الله ومن أجل المسلمين ونشر هذا الدين.
وإذا كنا نعرف أنه يتوجب على كلّ مسلم أو مسلمة أن يتفقّه في الدين، فإنه لا يكفي أن نعرف بشتّى الوسائل الكثير من القصص والروايات عن المسلمين الصادقين دون أن نعمل.. وأنهم باستقامتهم وجهادهم حقّقوا إنجازات ومكاسب كثيرة مثل نشر الإسلام والفتوحات، وتربية مجتمعهم على مكارم الأخلاق ، وإنما مجرد التغني بالماضي المجيد لا يكفي، ولا يُغني عن العمل السليم الذي يرضي رب العالمين ويؤدي إلى حلّ المشكلات وتحقيق الطموحات..
وعندما دخل الحلفاء إلى بلاد العرب قسّموها في معاهدة سايكس بيكر ليُضعفوها، ويومئذ برز تواكل العرب جلياً في تقصيرهم بالقتال من أجل تحرير فلسطين، وتكرر ذلك في حرب عام ١٩٤٨ عندما أقام اليهود دولتهم المزعومة ، وقتلوا الكثيرين ، وهدموا مئات القرى وشرّدوا من شرّدوا من أهل فلسطين الحقيقيين ، وعملوا على تكديس أنواع الأسلحة حتى باتوا يمتلكون مئات الرؤوس النووية ، التي يحرّم على المسلمين عرباً وغير عرب، وعملت بالعرب أيدي التفرقة، بحيث بات معظم زعمائهم يهتمون بمناصبهم، ويتفرجون على التنكيل - كل فترة- بشعب من الشعوب العربية ، ويكتفون ببعض التصريحات لرفع العتب، فضلاً عن تقديم بعض المساعدات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، ولا تحل المشكلات المستعصية في بلادهم.
وللذين يرون في آرائنا هذه مغالاة نقول.. بل نسأل:
ماذا فعل العرب أيام الهجمة الصهيونية على لبنان عام ١٩٨٢ م، وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا والجنوب؟
وماذا فعلوا أيام الهجمة الصهيونية في نيسان عام ٢٠٠٢ م على جنين ونابلس ورام الله والقدس وسائر مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزّة؟
ثم أيام ارتكاب مجزرة قانا وغيرها في جنوب لبنان ؟
ثم أيام المجازر المتتالية في فلسطين فضلاً عن الهدم والحرق وإتلاف المزروعات وأسر آلالاف الفلسطينين؟
وماذا فعلوا أيام احتلال العراق عام ٢٠٠٣م ثم رج الشعب في حرب أهلية طائفية؟
وهل يمكن أن ننسى الحرب الإسرائيلية التي فُرضت على لبنان عامة وجنوبه خاصة في صيف عام ٢٠٠٦م ؟
وكلنا يعلم أنها كبّدت هذا البلد أكثر من ألف شهيد، وهدم الكثير من البيوت وحرق الممتلكات ، وزرع منطقة الجنوب بالألغام الفتّاكة التي أودت بحياة الكثيرين..
إن معظم دول العالم تُضيّق على المظلومين وتُحاصرهم ،وتُسمّي دفاعهم عن حقوقهم وأرواحهم إرهاباً، وهذا ما يحصل تجاه الفلسطينيين في ردّهم على الاعتداءات الإسرائيلية ، مثلاً اغتصاب أراضيهم ، وعندئذ تهبّ أمريكا وأعوانها بالاحتجاج على الفلسطينيين..
الأحداث في بلادنا كثيرة ومتنوعة لسنا بصدد إحصائها وتحديد نتائجها ونكتفي بأمثلة عنها..
ويجدر بالذكر أنّ أعداد الجرحى والمقعدين والمرضى بالقلب والسرطان قد كثرت، ولا يصل معظم هؤلاء سوى القليل من المساعدات المطلوبة ، وإذا تواردت المساعدات يختفي قسم منها بسحر ساحر، والإحصائية لأسماء وأعداد هؤلاء موجودة لدى كل من الدوائر المختصة في كل بلد عربي. ونأمل أن تتصرف اللجان والهيئات المختصة بعدل وأمانة وتقدّم المساعدات اللازمة لمستحقيها..
ولا يفوتنا أن نشير إلى وباء كورونا الذي زاد الطين بلة وبات الأمر يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الوباء وآثاره.
وفي شأن العولمة نقول: إن العولمة الحقيقية والصحيحة لا تسمح بحرية مطلقة للجائحين في كلامهم أو لباسهم أو حركاتهم أو فنونهم في مختلف بلاد العالم، أجل إنها لا تسمح بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة لأي نبيّ، أو للشخصيات الكريمة المميزة بالفضائل ، وهي لا تسمح أيضاً بالاعتداء على الكتب الدينية - ولا سيما القرآن الكريم - ولا تجيز حماية بعض الدول لهؤلاء المعتدين على حقوق مقدّسة، بينما تسجن من يعتدي على حيوان أو تشجب عمله.
إن العولمة القويمة ترتبط بالأدب والأخلاق والفضائل ومبادىء الأديان السماوية، وكل ما يتناقض معها هو مخالف للعولمة القويمة ولروح الحضارة واحترام حقوق الإنسان ومشاعره.
والالتزام بجوهر العولمة المرتبطة بالآداب والفضائل يؤدي إلى حضارة حقيقية غير مُزيّفة، وإلى السعادة المقرونة بالهيبة والوقار وإلى التقدم والنجاح والازدهار.
والمطلوب هو نشوب حركات تغيير في مختلف بلدان العالم، تقوم على التمسّك بالأخلاق والفضائل والعدل لأن البلاء قد عمّ معظم الناس ، ولا بد أن يتعاون الجميع في حركة الإصلاح. بدءً بالتربية السليمة للفرد والأسرة وفي ذلك فائدة عامة للفرد والمجتمع والوطن، وبدون ذلك لن تتحقق الآمال والطموحات .. ولذلك لا بدّ من توافر إرادة التصحيح ووضع الخطط والبرامج المفيدة والعمل الجادّ والتعاون لتنفيذها وليس ذلك مستحيلاً .
وهذا يذكرنا بقول أبي القاسم الشابي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بدّ أن يستجيب القدر
وأخيراً فإنّ كل ما ذكرناه من وسائل العلاج لا يُغني عمّا هو أهم منها وهو: العودة إلى طاعة الله في ما أمر، والانتهاء عما نهى وزجر ، وهذا يُذكرنا بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:(لا ينزل البلاء إلا بذنب.. ولا يُرفع إلا بتوبة)، ونحن نتمنى أن تتحقق هذه التوبة..
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!