داعية ومربية وعضو رابط الأدب الإسلامي العالمية. عمان - الأردن
آفاق قرآنية تربوية '3'
في الآية الكريمة: "إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)" لقطة قرآنية تربوية بديعة، فتى يتفيّأُ عباءة أبيه الشّيخ ويبثّه أصدق وأدقّ حديث ووصفٍ ينبينا عن عمق ثقافة الفتى الذي ميّز الكواكب عن الشمس والقمر، وأدرك كيف يكون السجود، مما يدعونا للبحث عن ثقافة راقية لأبنائنا الذين نعدّهم لمستقبل واعد.
لقد عبرّ الفتى عن رؤيا فأجاد الحديث، وألقى الأب الحاني سمعه فأجاد الإصغاء، وعليه فعلى المربي الحصيف أن يلقي السمع لأحاديث صغاره ويعطيهم مساحة من وقته وفكره واهتمامه لتغذية الحوار الأسري الهام جدّاً بين أفراد العائلة.
وأسرة بلا حوار، كقصر بلا ماء، فلا رواء ولا نماء! وكم يعمل الحوار بين الأبناء والآباء على تنمية شخصيّة قويّة سويّة منذ نعومة أظفار الأبناء .
إلى الجلسة النبوّية الرائدة نعود: فالأب شيخ والابن فتى وبينهما فترة زمنيّة ليست بالقليلة، تكفي بعض من يتحدّثون عما أسموه (صراع الأجيال) أن يغرسوا سهامهم المسمومة فيه؛ ليحفروا هذا الوهم التربوي الذي بدأ يتسلّل إلى نسيجنا الاجتماعي فينخر فيه نخراً ناعماً هادئاً دؤوباً كما ينخر السوس في سنّ عظميّ قويّ .
لعلّ كلمة (صراع) بكلّ تلوناتها وطلاءاتها لا جذور لها في مجتمعاتنا، فعلاقة الأجداد بالأحفاد تقطر صفاءً وودّا ومن يدّعي غير ذلك فليراجع خطواته .
ولعلّ كل الأسر التي تعي أمانتها التربويّة ترى الأب فيها يفرد وقتاً خاصاً لكل طفل على حدة دون مزاحمة الآخرين له، يسكب فيه الأب من دلو تجارب الأيام في وعاء ابنه ليقوى على مواجهة أيام الهجير، وهذا ما نلمحه في اجتماع النبيّيْن الكريميْن .
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن