من الآيات الباهرة في البيت الحرام: ماء زمزم
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96].
ومن الحقائق النبوية العظيمة المتعلقة بماء زمزم الذي أجراه الله للسيدة المباركة هاجر وابنها إسماعيل ليكون آية باهرة من آياته بجوار البيت الحرام: إخبارُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم من أنّ: "ماء زمزم لما شُرب له"، وهو حسن أو صحيح، وقد أفرده الإمام الحافظ المُتقن ابن حَجَر في جزء مستقل، ومما قال فيه: (الحديث المذكور ورد بلفظه من حديث جابر، ومن حديث ابن عباس، وحديثُ ابن عباس أشهرُهُما، وورد بمعناه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ومن حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومن حديث معاوية، رضي الله عنهم).. ثم قال رحمه الله: (فمرتَبةُ هذا الحديث عند الحفّاظ باجتماع هذه الطرق يصلُحُ للاحتجاج به). وقد صرّح بالتَّحسين الحافظ الدّمياطي في "المتجر الرابح" والحافظ ابن القيّم في"زاد المعاد"، وصحّحه الإمام ابن عُيَيْنة من الأئمة المتقدمين، والمنذريُّ والسيوطيُّ من المتأخرين.
والحديث موجود في سنن ابن ماجه من رواية جابر رضي الله عنه، وأخرجه أيضاً الإمام أحمد في المسند 372:3. أما رواية ابن عباس فقد أخرجها الدَّارُقطني في سننه والحاكم في المستدرك 1:473. وأما روايتا ابنَيْ عُمَر وعَمْرو فإسناد كلِّ منهما واهٍ فلا عبرة بهما كما قال الحافظ ابن حَجَر. وأخيراً بقي حديث سيدنا معاوية رضي الله عنه، فقد قال ابن حجر: (إسناده حسن مع كونه موقوفاً-أي: من كلامه هو- وهو أحسن من كل إسنادٍ وقفتُ عليه لهذا الحديث).
فوائد من هذا الحديث:
الأولى: ورد الحديث بلفظ:"لما شُرب له"، وبلفظ:"لما شُرب منه"، ومعناهما: لما شُرب من أجله، كما بيَّن العلماء.
الثانية: أحسن وأجمع وأطرف ما قرأتُ في (ماء زمزم) كتاب أخينا الشيخ المحقق د. سائد بكداش:"فضل ماء زمزم"، فجزاه الله خيراً.
الثالثة: للنبي صلى الله عليه وسلم عدة أسماء لها علاقة بزمزم، وهي: الزمزمي، صاحب زمزم، نبيّ زمزم، المُزَمْزم - صلوات الله وسلامه عليه -.
الرابعة: قال الإمام ابن حجر: (اشتُهر عن الإمام الشافعي أنه شرب ماء زمزم للرَّمي، فكان يُصيب من كل عَشَرةٍ تسعةَ... ولا يُحصَى كم شَرِبه من الأئمة لأمور نالوها... وأنا شربتُه مرة وسألت الله وأنا حينئذ في بداية طلب الحديث أن يرزُقَني حالة الذهبي في حفظ الحديث، ثم حججتُ بعد مُدّة تقرُبُ من عشرين سنة وأنا أجد من نفسي المزيد من تلك المرتبة، فسألته رتبةً أعلى منها فأرجو الله أن أنال ذلك).
الخامسة: بيّن الفقهاء أنه يُستحب حمل ماء زمزم إلى البيوت، وإتحاف الضيوف بهداياه، وسَقْي المرضى منه.
والحمد لله رب العالمين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن