ماجستير في الدراسات الإسلامية
مسؤولة اللجنة الدعوية - جمعية الاتحاد الإسلامي
فَلْنعتبر بالسُّنَن الربّانيّة التي تضبط سلوك البشر فيما بينهم والتي يحتكِمُ الكون لها سمعًا وطاعةً للحيّ القيّوم.
فَلْنرجع إلى هذا النّاموس الضابط للحياة، المُهَيْمِن على حَيَوات البشر، حضارات وأمم...
هذه السُّنَن الكونيَّة التي سخّر الله سبحانه عبرها كلّ المخلوقات لبني آدم... حتّى يكرّمه، وحتّى تكون مُعينة له على حمل الأمانة... لِنُدركَ معها أنّ فطرة البشر التي فطرهم الله تعالى عليها، تُسوّغ لهم التناوش والتحارب والسعي الدائم ليتغلّب قومٌ على قوم، بُغْيَةَ الترؤُّس ونيل الرياسة... هذا دَيْدَنهم المستمرّ.. إمّا غالب ورئيس وإمّا مغلوب ومرؤوس....
تناحر الملوك وتناكف الزعماء، وحروب ورغبات في الاحتلال والسيطرة والتوسّع والتحكّم... شهوة السلطة والمُلْك والقوَّة تجري من ابن آدم مجرى الدمّ... والسُّنَن الكونيَّة ضابطة لذلك.. والسُّنَن الربّانيَّة ناظمة لذلك..
يفوز ويكتسح الغالِب.. يحكم ويتحكّم المنتصر..
يفرض شروطه الذي قهر واحتلّ على المغلوب المقهور...
وكان الإسلام.. ذاك الفارس النبيل الذي يحمل في طيّاته رسالة الحُكم العادل ذي المنهج المتَّسق والفطرة السليمة، المحاكي للواقع، المناسب لكلِّ زمان ومكان، الحيويّ المَرِن القابل للتَّحقُّق مهما كانت الظروف...
جاء الإسلام ليحكمَ بالعدل وليحاسبَ بالميزان، بمنهج الرحمة والملحمة، المُتَّسم بأسماء الخالق سبحانه، فهو شرع الله تعالى.
دين القداسة والطهارة. دين الملِك ذي الجلالة. شريعة السَّلام والأمان. شريعة الإيمان والتأمين. شريعة الهَيْمَنَة والعزّة. شريعة الجبروت الإلهي فلا مبدّل لحكمه. شريعة الاستعلاء على الدنيا ودناءتها وعبيدها. دين اليُسر والبشائر. هذا الشرع الحنيف الذي يفوز مَنْ آمَن به وعمل بسعادة الدارَيْن. هذا الشرع الحنيف له صراط مستقيم وله أولياء هم له أتباع.. آمَنوا به واعتقدوه وفقهوه وفهموه ونادوا به وسعوا إلى نشره بين الناس.. لعلّهم يفلحون... أنعم الله تعالى على أوليائه هؤلاء بنعمة السَّير في مدارج السالكين، وكلّفهم بما يطيقون، كي يبلّغوا ما فقهوه لغيرهم.. فيفوزوا جميعًا...
ومِن مئة سنة حتّى الآن.. سعى رجال ونساء من أقصى المدن، هاتفين أنْ يا قومَنا اتّبعوا المرسلين..
من مئة سنة حتّى الآن.. كان هناك مدٌّ بشريٌّ كَمَوْج المحيط، يظهر كقمَّة الموجة وآخرُ يختفي في قاع المحيط.. وشاء ربّي سبحانه أنْ يهدي الخلق بأفراد.. وشاء ربّي سبحانه أنْ يهدي الناس بجماعات...
على أنّ الاثنين كانا يتحرَّكان.. يسعيان.. يحاولان.. يبذلان كلَّ الجهود..
استشهد من الاثنين الكثير.. وانتصر من الاثنين الكثير.. سُنَّة التدرُّج شهِدْناها.. سُنَّة التغيير رأيناها.. سُنَّة الاستدراج عشناها.. سُنَّة الإعداد حصلت وأثمرت يا ربّاه...
يكاد القلب يخرج من الضلوع فرحًا يا ربّاه..
ويكاد القلب يتوقَّف رعبًا ممّا رأيناه.. إنّ أخذَ ربِّكَ لشديد...
أخذُكَ يارب لا يُفلِتهم.. أخذُكَ يا ربِي أخذَ العزيز المقتدِر...
وبفضلك اللهمّ ثمّ بفضل سواعد وعقول كلّ المصلحين - منذ مئة سنة كالِحَة قبيحة - مصلحون عاهدوا الله تعالى وفكّروا وحملوا الهمّ وتعذّبوا في الله وكانوا قِمَمًا في التّضحية والبذل... منهم مَن كَحَّل عينيه بما يسّره ومنهم من استشهد في سبيل أنْ يرى ما سعى إليه؛ ما عاش عليه ومات عليه، وسيُبعث عليه إن شاء الله تعالى..
في نظرة بانوراميَّة جامعة للمشهد الحاليّ، ما رأينا إلّا تكاتفَ كلّ المصلحين وتلاحمهم وتعاضدهم وتعاونهم منذ مئة سنة حتّى اليوم في سعي دؤوب لتمكين المنهج الربّانيّ من جديد.. عرفوا بعضهم أم لم يعرفوا..
من كلّ أرض الله تعالى الواسعة من الهند وباكستان والصين وتركيا والقوقاز والمغرب الإسلامي وأفريقيا وبلاد الغرب الأرضي وبلاد الشام..
كلّ المصلحين عرفناهم أم لم نعرفهم، كانوا يتحرّكون لا يستسلمون حتّى يعيدوا للفارس الجميل حصانه ودرعه وسيفه..
هم المسلمون العاملون الصادقون الذي صدقهم الله تعالى ولم يخيّب رجاءهم ولم يُضيع أعمالهم؛ الصراط المستقيم جمعهم من كلّ حَدَب وصَوْب في بوتقة "الإنجاز المبارك"... صبّ كلّ واحد منهم فيه سعيه وجهده، كلهم أكرمهم الله تعالى.. كلّهم تقبّل أعمالهم.. فجزاهم الثمرة الأولى ويا لها من ثمرة.. أسْكَرَتْنا وما نحن بسكارى...
فَلْيهنأ كلّ مصلح عامل منذ مئة سنة حتّى الآن.. ليسعد في قبره.. وليسعد من عاين وذاق وهو حيّ بيننا...
لقد تشارك الجميع في الإنجاز.. وقسّم الله تعالى عليهم الرزق والحسنات..
لقد أبصرْتُ بقلبي بعد لَأْيٍ.. كيف صنعت حركة حماس الملاحم في غزَّة، وتدفّق الطوفان فاقتلع هياكل النجاسة في كلّ مكان.. واهتدى الخلق وأسلم ناس؛ تأثُّرًا بأفراد من غزَّة وفلسطين ومنهم شيخ الدعوة والتبليغ خالد النبهان.. وارتعبت فرائص الطاغية في سوريا من ارتدادات طوفان الأقصى، لكنّ زلزال هيئة بلاد الشام أطاح به بين ليلة وضحاها..
وصرخت دمشق الآن الآن..
هذه الجهود الظاهرة فقط.. والمخفيّة لا تخفى علينا.. فبركات الاتحاد والإرشاد وعباد الرحمن والجماعة والسلف الصالح والزُّهّاد العارفين بالله تعالى اجتمعت في بوتقة النصر والفتح... رأيناها والحمد لله تعالى على النعمة.
وبعد أن استيقظ الفارس من نومه فلا نوم لنا بعد الآن..
فنسأل الله تعالى المدد، والثبات والرشاد والسّداد لنا ولكلّ المصلحين في الأرض.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
ماجستير في الدراسات الإسلامية
مسؤولة اللجنة الدعوية - جمعية الاتحاد الإسلامي
رجلٌ من أقصى المدينة.. يسعى!
هرطقة اللّغات السّاميّة
القول الفصل.. بين الظلم والعدل!
الأُسرة السوريّة خارج القضبان
هل انتصرت سوريا أم انتصر أعداؤها؟