قل لي ماذا تتمنى؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنّى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يُكتب له» .
تُرى كم واحداً منا استوقفه هذا الحديث فوضع نصب عينيه الموت وأيقن أنه قادم لا محالة فمحّص بعدها أمانيه وغربلها ونقّاها من أدران الدنيا مستحضراً قوله تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربِّ ارجِعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركتُ، كلاَّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يُبعثون؟).
اسمعوا تعليق قتادة على هذه الآية: والله ما تمنّى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولا بأن يجمع الدنيا ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله عز وجل، فرحم الله امرءاً عمل فيما يتمناه الكافر إذ رأى العذاب.
كل منا له أمنيّات يتمنى أن تتجسّد واقعاً منظوراً أمامه… فهذا الذي يتمنى أن يحصل على المال الوفير… وتلك تتمنى أن تحصل على الزوج الصالح… وهؤلاء يتمنون أن يرزقهم الله ذرية طيبة.. وهذا يتمنى الوصول لذلك المنصب ووو… كلها أمانيّ دنيوية ضيِّقة لا نخرج بها إلى فضاء الآخرة الرحب إلا بنية صادقة أن تكون كلها ابتغاء مرضاة الله، ولكن كم واحداً منا ارتقى في سلم الأمانيّ فكانت له أمنيّات على مستوى التحديات التي تواجه الأمة؟ كم واحد منّا كانت له نفس تَواقة سمَت في أمانيها وسعت من رفع قيمتها ليصل ثمنها: الجنة؟!
وبعد: قل لي ماذا تتمنّى أنت؟
إن اخترت فاحرص على أن تكون أمنيّة سامقة وبعدها باشر العمل ثمّ: إياك والاتكال على المُنى؛ فإنها بضاعة النَّوْكى* كما قال الإمام عليّ لابنه الإمام الحسين رضي الله عنهما محذّراً.
* النَّوكى: الحمقى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن