أكثر الأمهات معجبات بأولادهن، ويرون هذا الجيل متميز بذكائه وأدائه.
وكنت أخالفهن الرأي وأشرح لهم خطورة هذه العبارة على الناشئة وضرورة تلافيها في التربية لأن عواقبها وخيمة وقد أدت لتمرد الجيل وخروجه عن السيطرة. فكنت أبدو غريبة بينهن!
فلما قامت الثورات وجدت الأمهات نقطة جديدة يستعملنها ضدي ويثبتن بها خطئي وصدق رؤيتهن!
ولست من الذين يصرون على الخطأ وما أهون الاعتذار علي، ولكن للأمر خبايا وخفايا سوف أقصها عليكم، ثم أنظر ماذا ترون:
لي صديقة قديمة ومربية فاضلة تعمل في مدرسة مشهورة ومعروفة في جدة، وذات يوم -حين كبرت ابنتها ووصلت للمرحلة الثانوية- بدأت الفتاة تتمرد على والدتها وترفض الانصياع، وتعترض على أكثر القيم التي رُبيت عليها، وتنتقد البديهيات! دهشت أمها من تبدل سلوكها فجأة، وهي التي وجهتها بطريقة معتدلة وسليمة وعلى أسس صحيحة...
عمل الأم في سلك التعليم جعلها فطنة واعية؛ فتنبهت لأن الطالبات يتصرفن بنفس الطريقة، وفي غرفة الإدارة تكلمت الأم مع زميلاتها فعرفت أن المناهج الجديدة في مدرستهن النموذجية تشجع هذا المنحى بدعوى الانفتاح والحرية والخوف من الكبت، إنها موضة جديدة ما كانت موجودة في المدرسة وما كانت الطالبات هكذا في العوام الماضية... وخلال مدة قليلة تفاقم الوضع بين الطالبات وزادت الجرأة بينهن حتى وصلت أحيانا لدرجة الوقاحة... بل صار التمرد ظاهرة واضحة بين أفراد الجيل جميعا إناثا وذكورا.
الأم تصرفت على الفور ونقلت ابنتها إلى مدرسة حكومية، مضحية بالخصومات والحوافز والمكتسبات الكبيرة مقابل سلامة علاقتها بابنتها، وهكذا يتصرف العقلاء.
وفي المدرسة الأخرى رجعت البنت مهذبة لطيفة رقيقة، وانتهت معاناة الأم. ونجت الفتاة من التأثيرات السيئة للعولمة.
وقالت لي الأم أنها علمت من مصادر موثوقة عن الخطة الغربية لإفساد أولادنا، وتغيير هويتهم وثقافتهم، وقد بدأت حقا، وهي تسير بنا نحو الهاوية.
وقلت لنفسي: "معها حق"، فأولادنا يتربون على الموضة وعلى الثقافة الغربية. وأهلوهم في غمرة ساهون (بين ثقل العمل وكثرة الواجبات...) فأنى لهذا الجيل أن يتميز أو يفوق وهو على هذه الحال؟!
فجاءت شهادة الأم لتوضح ما خفي عن الناس، وتفسر لهم حقيقة الحال:
المربون تعجبوا من سلوك جيل الفيسبوك وتويتر و... في الثورات واندهشوا من أدائه وقد كان لاهيا وغافلا وضائعا ومنصرفا إلى اللهو؛ فكيف جاء بما لم يأت به الأوائل؟!
وكان أن ازادوا إعجابا بالجيل وتقديرا له.
والحقيقة:
لقد سعى الغرب لإخراج أولادنا من أيدنا بدعوى "الحرية الشخصية" فشجعهم على الثورة وشجعهم على التمرد وعلى العصيان، ليخرجهم من قيد الدين ومن ربقة القيم... وبدأ كيدهم يؤتي أكله وتغير هذا الجيل وتبدل وخرج عن السيطرة... فسعد الغرب وتمادى في كيده وخططه... حتى جاءهم كيد العلي القدير فتحولت رياح الثورة التي نفخوها نحوهم وانعكس اتجاهها، وثار الجيل على الحكام العرب أي على عملائهم وزبانيتهم في المنطقة العربية كلها.
والمدهش أن الثورات ساهمت في وعي الجيل وتفتحه، فبعد أن بدأت الثورات عشوائية وبطريقة بدائية واعتباطية... تطورت وانتهت بطريقة محترفة أصبحت تهدد كل المنطقة، بل تهدد التمدد الغربي نفسه
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة