للسرقة فنون
بينما تقف الفتاة تنتظر الباص، إذا بها ترى رجلاً يلاحق آخر وينادي بأعلى صوته: هيييه.. لقد سرقتَ مالي! لقد سرق مالي! أَعِدْ إليّ مالي!
اغتاظت الفتاة للمشهد وكادت تصرخ: سرقتَ مالي أنا والآن تسرق غيري! لكنها سكتت مدركة أن صراخها لن يجدي نفعاً سوى أنها ستلفت أنظار الناس، وهذا ما لا ينقصها. وتفكرت.. ثم انتابتها ضحكة تهكمية في داخلها متذكرة مشهداً حصل معها ليلة البارحة؛ لشد ما ساءها ما حدث.. ليس لفقدان المال، فقد كان يسيراً، بل لأنها أهينت في فطنتها!
كانت تمشي على عجلة عائدة إلى منزلها، فقد اضطرت إلى النزول ليلاً لشراء دواء للصداع من الصيدلية، فناداها الرجل مستنجداً: آنستي، أرجوك! أحتاج إلى ألفي ليرة فقط لأكمل ثمن دواء لأوقف التدخين، ألفان لا يغطيها التأمين. ألفان فقط!
تجاهلته الفتاة أول الأمر وتابعت سيرها، لكنه ناداها مرة أخرى بصوت مثير للشفقة، فتوقفت رأفة به وظنت أنه ربما كان صادقاً، فليس من الضروري أن يكون كل سائلٍ كذاباً، أرادت إخراج المال فاستوقفها الشك مرة أخرى، فنظرت إلى الرجل بحذقٍ مفتعل: هل تحاول أن تغشني؟ قال: لا أبداً، تعالي وتأكدي بنفسك!..
تبعته إلى الصيدلية مرة أخرى ورأته يسأل البائعة: ألم آت إليك قبل قليل وأخبرتني أنني أحتاج ألفين ثمناً للدواء؟ أجابت: نعم. فأخرجت الفتاة المال وأعطته الرجل الذي لم يكد يأخذه حتى سارع يلح عليها لتعطيه ثمن الغداء أيضاً، ففرت منه هاربة وقد فهمت أمره.
ها هو الآن يخدع رجلاً آخر، بل ويتهمه بالسرقة ليأخذ ماله..
تُرى ما هي الخدعة المرة القادمة؟!
يذكرني ذلك ببعض السارقين: دائماً ما يظهرون بمظاهر بريئة.. فللسرقة فنون!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن