للقلوب الحميمة
حبيباتي... كم اشتقت إليكنّ، كم أفكّر فيكنّ، بجلساتكنّ الغنيّة وأغاريدكنّ الشجيّة، بصداقتكنّ وأنسكنّ وقربكنّ، وبقلوبكنّ النقية الطاهرة المبصرة... سبحان الله كم يراودني الضيق حتى لم يكد يومي يخلو من الدموع... ليس لي في هذه الأرض مثلكنّ، مع أن لي في جمع الصديقات موهبة وهواية، وفي حُبّهنّ غاية وكناية. فأما غايتي فأجر وهناء، وأما الكناية فإن حبهنّ يعني حبَّ الله الذي لأجله أحببتهنّ، فأين هذه أو تلك؟ لا أحظى بغير شعور تائه وابتسامة مصطنعة، فالقلوب هنا غائمة، لم تتعرف عليّ ولم أتعرف عليها.
وبقيتُ على حالي أبتعد عنهم وأناجي ربي أن يؤويني إلى أنسه ويسليني برحمته حتى امتنَّ الله عليّ بأختٍ دعتني إلى منزلها وجمعتني بثلاث أخوات لمستكنّ فيهنّ يا أحبابي. أختان يربطهما الدم أيضاً، مريم وروان، ثم كانت سارة... من ذكائها وتميّزها تدرس في واحدة من أهم الجامعات في بلاد العالم أجمع، نشيطة في دعوتها وتبدي لهفتها عليها، وهي أحسننا تكلماً وأكثرنا وعياً وأقومنا رأياً، وكان لها قدرٌ عالٍ في جلستنا، تدير الحديث بيننا وتضفي رونقاً وشذى. وقد بشّرتني بحلّ مشاكل كثيرةٍ كنت أواجهها لوحدي، ووعدتني أن ترسل دعوة لكلّ الأخوات اللّواتي في سنّي تدعوهنّ إلى جلسة تعرّفني بها عليهنّ وتربطني بحبل آمن... فاطمأنتْ نفسي وجلستُ مع أخواتي جلسة عادت إليّ فيها روح الحياة ورحيقها وحسنها وبريقها، فنحن لم نكن نتكلم، بل كنا نلهو ونمرح في حديقةٍ غنَّاء وجنّةٍ خضراء، نقطف ثمارها كما يحلو لنا، جنة لو خلت منها الدنيا ما احتملناها.
ومضى الوقت بنا حتى استفقنا على هاتف سارة وأبوها يتصل بها ليخبرها أنه قد وصل. تفكّرتُ في نفسي: زيارة خمس دقائق؟! ونظرت إلى ساعتي لأرى ثلاث ساعات مضت دون استئذان. وهممتُ لأحتضن سارة وكأنني من قرن أعرفها، وأقبلَتْ هي وكأن دهوراً جمعتنا، كدتُ أحتضنها وأعبّر عن امتناني لهذا اللقاء وأسألها المزيد، وفتحتُ ذراعي لها... وإذا بها تحتضن روان بدلاً عني!!
نظرتُ إليها بدهشة... تحتضن روان وتخاطبها باسمي! ثم لمحت العصا في يدها، وشاهدتُ روان ترشدها إلى مكاني لأستقبلها في ذهول صامت، ثم التفتُّ لأراقبَهنّ وهُنَّ يَقُدْنها إلى سيارة أبيها في الخارج... لبرهة اختنقت عبرة المفاجأة في حلقي... لم تخرج، بل ذابت في مكانها، وحلت محلها ابتسامة ملأت قلبي وثغري حين تفكرت في قول الله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة