الآداب الرفيعة
بقلم: المـدرِّب عبيـد سليمـان *
كنت بصحبة المستشار عمر موسى بسيارته ليلاً في شوارع طوكيو، وكان الشارع مزدحماً والسيارة تقطع أمتاراً ثم تقف، فلاحظت أن سعادة المستشار يطفئ المصابيح عندما تقف السيارة ويُشْغِلها عندما تتحرك، فاستغربت من هذاا لأمر فقال لي: إننا في اليابان لانزعج ركاب السيارات الأمامية بالإضاءة عندما لا نحتاجها مادامت السيارة واقفة! فانتبهت إلى السيارات المجاورة المتوقفةُ واكتشفت أن هذه عادة الجميع!
• من أرقى عناصر الحضارة عنصر الآداب الرفيعة، الذي يسميه البعض بالإتيكيت، وهي كلمة فرنسيةالأصل: (Etiquette).
وكل مايتحدث به روّاد فنون الإتيكيت نجدله أصولاًفي الشريعة الإسلامية وبمستويات راقية من دون إفراط أوتفريط،وهذه المعادلة لايضبطها إلامنهج رب السماوات والأرض.
• العادات المهذّبة من الشعوب الأخرى مقبولة لنامادامت حسنة ولم تعارض الشرع الإسلامي.
• تهدف هذه المقالة إلى تكوين فريق عمل يتخصّص في نشر هذه الآداب الرفيعة في الشريحة المستهدفة لصناعة الحضارة، وبذلك نكون إلى الله أقرب وبالمصطفى أكثر اقتداءً.
عناصر الآداب الرفيعة
• الأناقة الشخصية:
- أن تكون كإنسان سوف تشَاهَد من قِبَل الآخرين، الذين سيسمعون صوتك أيضاً ويشمّون رائحتك ،فاحرص كل الحرص على أن تظهر امامهم بأرقى صورة ،وإليك بعض التفاصيل:
1. الشكل: احرص على التزام أرقى وسيلة لتهذيب الأظافر والشعر (الرأس،الشارب،اللحية)،فقدكان للمصطفى صلى الله عليه وسلم مشط عاج يسافر به ومعه المرآة والدهن والمكحل والسواك، كما جاء في الطبقات الكبرى
لابن سعد، وقدصحَّ في المستدرك وغيره أنه رأى رجلاً شعثاً فقال: "أَمَاكَانَ يَجِدُ هَذَا مَايُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ؟" رواه الترمذي.
2. التطيّب: انتبه لرائحة الفم وخاصة في الصباح، فلا تجلس قريباًجداً ممن تحادثه ،ويمكن معالجة الرائحة بعلكة النعناع. وانتبه لروائح الإبط والتجشؤ ،فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتطيّب بأطيب مايجد،كماجاء في صحيح البخاري.
3. النظافة الشخصية: هل يوجد دين في العالم يجعل أتباعه يغسلون أطرافهم 5 مَرّات في اليوم غير الإسلام؟وحين علم المصطفى صلى الله عليه وسلم عن أناسٍ لايغتسلون قال مستنكراً: "أَوَلايَغْتَسِلُونَ؟" كماصححه الألباني.
4. الملبس: إن الله جميل يحبّ الجمال، فيستحسن من المسلم أن يلبس النظيف والجميل من الثياب ذات الألوان المتناسقة؛ فقد نبّه المصطفى ثلى الله عليه وسلم رجلاً متسخاً: "أَمَاكَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ؟" أخرجه النسائي. وكم هو رائعأن تحتفظ بشنطة جميلةوقلم راقٍ ومحارم ورقية في جيبك.
• المعاشرة:
1. المواعدة: كُن على الموعد،لاقبله ولا بعده، ولاتصطحب معك أحداً إلاّبعلم صاحب البيت حتى وإن كان صديقاً له،إن اضطُرُرتَ للاعتذار فاعتذر فوراً لافي الساعة الأخيرة أوأبلغه بالتأخير مبكراً.
2. الاستئذان: اطرق الباب ثلاثاً وقِف متجنباً مشاهدة عورة البيت، ولاتجلس في المجلس مواجهاً للباب.
3. الترحيب: قابل صاحبك بمنتهى البشاشة والمصافحة والمعانقة وبأيدٍ نظيفة جداً،ونادِهِ بأحبّ الأسماء إليه.
4. الزيارة: اطمئنّ على أهل البيت،لاتنتقد صاحب الضيافة ولابيته، وقبل أبناءه، واخرج قبل أن يملوا منك.
5. المجالسات: إذااستعرت شيئاً فردّه بأحسن مما كان عليه،وأَنْزل الناس منازلهم وبالذات كبارالسن والعلماء.
6. الطعام: أَكثِر من مدح طعام صاحب الضيافة، لاتسأله أثناء مضغ الطعام،وادعُ له عند الانتهاء.
• إتيكيت خارج المنزل:
تختلف عادات الشعوب حسب اختلاف ثقافاتها، ولابأس باتّباع أنظمة تناول الطعام في مطعم فاخر أو ركوب طائرة أو البروتوكولات السياسية مادامت متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
1. إتيكيت المطاعم: تحفل المطاعم الراقية،وخاصة تلك التي تقدم البوفيه،بالعديد من أنظمة الإتيكيت التي يستحسن مراعاتها وخاصة في حضور الأجانب،وإتيكيت المطاعم ليس محصوراً فقط في طريقة إحضار الطعام 3 مرات (المقبلات starter ثم الوجبةالرئيسية main course ثم المُحَليات dessert)،بل في طريقة الوصول للطاولة ووقت الجلوس ومَن يبدأ بالجلوس ،وتوقيت استخدام الأدوات على الطاولة ..
2. ذَوْقيات حضور الحفلات والأعياد والأسواق والعزاء ومناسبات العمل والزيارات الرسمية.
3. ذوقيات استعمال الهاتف والرسائل البريدية ورسائل الطلب والدعوات والتواصل مع VIP’s.
أتمنى أن أكون قد فتحتُ باباً ذكرت فيه وفق التصنيف الذي أوجدته أغلب مواضيع الآداب الرفيعة والأذواق السامية عسى أن نكون قد وضعنا أساساً لحضارة رائعة.
* فريق عمل الآداب الرفيعةينبغي له أن يرصد كل معالم السلوك المهذب في المجتمع وينشره بالأدوات الفاعلة
ــــــــــــــــــــــــ
* مستشارالإدارةالاستراتيجية SMCC mister_obaid@hotmail.com
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة