بندقية سريعة الطلقات
«ضحى» زوجة في ربيع عمرها.. تزوجت «وليداً» منذ عشر سنوات.. ولكنها تعيش حياة قاسية تعاني فيها الويلات.. فضُحى محكوم عليها بالإعدام ولكنها تجهل موعد تنفيذ ذلك الحكم الظالم.. وتعيش ذلك الرعب يومياً.
إنها تعيش تحت سيف مسلَّط فوق رقبتها ولكنها لا تدري متى يسقط فيفصل رقبتها عن جسدها.. عفواً.. لا تدري متى يسقط ذلك السيف فيفصلها عن حياتها الزوجية وعن أولادها.. إنه سيف الطلاق.. كيف ومتى ولماذا؟!.. تعالَوا نبدأ القصة من أولها.
منذ عشر سنوات تزوجت ضحى من وليد.. وكانت الآمال تتراقص أمام عينيها في حياة سعيدة يُظلّها الود وتصدح فيها عصافير الهناء.. ولكن مع مرور الأيام اكتشفت عيباً في وليد جعل حياتهما كابوساً مزعجاً.. تنعق فيه أسراب الغربان والبوم.. لقد اكتشفت أن زوجها وليداً لا يفهم شيئاً من أبجديات الحياة الزوجية سوى كلمة: «إن فعلتِ كذا فأنت طالق».. «إن حدث كذا فأنت طالق».. «إن كان كذا فعليَّ اليمين».. «إن قلتِ فاذهبي لبيت أهلك».. وبدأت حياتهما تتدهور مع كلمة الطلاق على شفتي زوجها وليد.. كانت حياتها مزيجاً من الحذر والترقب.. الحذر من الوقوع في المحظور.. وتفادي ما قد يكون سبباً للتلفظ بهذه العبارات المدمرة.. والترقب الدائم لشفتَيْه. وكانت عشر سنوات من العذاب.. ومع ذلك الحذر الشديد فقد وقع المحظور مرتين رغماً عن إرادتها.. ورغم اجتهادها الدائم في أن ينسى تلك العبارة.. وعملها الدائب بكل ما يرضيه.. وبقيتْ لها طلقة واحدة!!
ومع حدوث أي مشكلة مهما يكن حلها بسيطاً ولا يحتاج إلى كثير جهد فإن سيلاً من هذه العبارات يتدفق على شفتيه.. فيموت أطفالها رعباً وينظرون إلى أمهم بشفقة وبكاء؛ وهكذا فإنّ الطلقة الأخيرة بقيت سيفاً مسلَّطاً على رقبة ضحى لا تدري متى يسقط فيشتت أولادها ويقتل حياتها ويدمر بيتها ويفصلها عن زوجها وليد.. الذي أحبته ولم تكن لترضى عنه بديلاً لولا هذه الكلمة المرعبة التي تتربص بها ليل نهار.. يا لها من حياة تعيسة عانى منها أطفالها الثلاثة وأصبحوا مرضى نفسياً..
نداء إلى وليد: لقد أفسدتَ حياتك بهذه البندقية السريعة الطلقات..
لقد استبدلت بحياتك السعيدة الهانئة حياة يملؤها التهديد والوعيد... وذلك بمحض إرادتك، وأنت الخاسر في النهاية!
يقول خبراء السعادة الزوجية:
إنّ كثيراً من الرجال يفهمون الطلاق فَهماً خاطئاً، ويظنون أن الحياة لا تستقيم إلا بتهديد الزوجة الدائم ورفع هذا السيف المسلّط على رقبتها.. بينما هو يدمر حياة الأسرة من أساسها.
بعض الأزواج لديه عقد نفسية وشعور بالنقص يعوِّضه دائماً بهذا التهديد.. ويَسعَدُ قلبه المريض برؤية زوجته تنتفض رعباً كلما فعل ذلك.. وهذا مسكين يحتاج إلى علاج نفسي.. وتخويفٍ بالله..
بعض الأزواج يفهمون الطلاق فهماً خاطئاً بسبب جهلهم بالدين؛ فالطلاق تشريع عظيم، ولذا سُميت باسمه سورة كاملة، نزل ليكون حلاً للحالات المستعصية، ولا يجوز استخدامه قبل استنفاد وسائل العلاج كافة التي شرعها الله. وقد أنزله الله ليكون راحة للبيوت التي تعيش في جحيم مروّع من الخلافات، لا ليكون سبباً في تعكير صفو حياة هادئة وإفسادها، ولا لتهديد النساء وتخويفهن.. وهو ليس كلمة تقال وحسب، بل إنه تشريع متكامل متدرج من عليم خبير. ولعلم الله بأنه قد يُستخدم بالطريقة التي يستخدمها وليد فقد سمّى الله هذه الأحكام في سورة الطلاق: {وتلك حدود الله}، وحذّر من سوء استخدامه فقال: {ومَن يتعدَّ حدودَ اللهِ فقد ظلم نفسَه}. وقد جاء ليكون إصلاحاً، وهذا الذي يفعله وليد هدم وإفساد.. وكل طلاق أُسيء استخدامه فجاء في غير مكانه أو استخُدم قبل أوانه فسيكون حسرة لا تهدأ نارها.. وندماً لا يخبو أواره.. وقد جعل الله الطلاق قراراً مدروساً لا يُبتُّ فيه إلا بعد تأنٍّ وتفكير، وإلا كان سبباً في تخريج جيل من المجرمين والمدمنين.
فإلى وليد وإلى كل منَ يقع في هذه الكارثة المدمرة:
إمسح هذه الكلمة من قاموسك قبل فوات الأوان
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن