كيف لي أن أنام...؟!
دائم التفكير في أمر ترسَّختْ جذوره في روحه فأنبتَتْ شجرة ذات أفنان في حياته، يتفيّأ من أوراقها فتهنأ نفسه ويتنشق من عبير حركاتها سكوناً ورضاً بأنه يحمل همّاً كبيراً..
فمنذ أن فتح عينيه على هذه الحياة أدرك أن الوجود الصهيوني في مدينته المقدسة وبلده الطاهر ليس إلا كابوساً ينبغي أن ينتهي يوماً ما... فكيف يهنأ واليهود يتجولون هنا وهناك؟
التقى أصحابه كعادتهم في الحديقة تحت ظل شجرة يتناقشون في أمور مختلفة... ولكن لقاء اليوم كان ذا رونق مختلف، وها هو بلال الذي أرّقه التفكير لياليَ طوالاً يدلي بما أقضّ مضجعه: "يا رفاق الدرب، وإخوتي في الله، أنتم تعلمون أن المدينة المقدسة ما زالت تئن من وطء أقدام اليهود فوق ترابها... واليوم يتهيؤون للاحتفال بسفك دماء إخوتنا منذ 35 عاماً، يوم تأسست قوة الإجرام بمسمى الدولة بسيادة نظامها في ربوع الطهر والقداسة.
ففي قلوب الشباب ما زالت المشاعر تشير بأسهمها نحو المسجد الأقصى وإن توجهت قِبْلتهم نحو الدنيا وملذاتها أو البحث عن أسباب العيش والكماليات، فما علينا إلا أن نصحّح الاتجاه ونقوّم الاعوجاج في عمى البصيرة.
واعلموا يا أخواتي وإخوتي أن طريقنا ليس بالسهل اليسير وإنما صعب عسير، فستفتح السجون أبوابها لتستقبلنا، وستمتد يد الخونة لتقتل منّا، وسنواجه من يكذبنا، لا يتوانى عن محاولة إغوائنا وثَنْينا عن هدفنا... فمن يثبت على ما اتفقنا عليه فجزاؤه رضا من الله ربنا، ولسنا نملك له من الدنيا شيئاً...".
تلاقت العيون تستغرب في حيرة التائه من الكلام استغراب الجاهل وتتساءل: كيف السبيل؟!... ونحن لا حول لنا ولا قوة! وعودُنا لم يقْوَ بعد على نوائب الدنيا؟! وكأنك نسيت ما عليه اليهود من قوة وجبروت؟! ونسيت غفوة العرب ونومهم؟! ونسيت مآسي الدول الإسلامية وضياعها؟!".
غير أن بلالاً لم تثنه هذه المخاوف ولم تبدل من عزمه وثباته، فذكَّرهَم بما نسوا وزاد في القول: "أما ما ذكرتم فلا خلاف فيه، فلا ينكر منّا الضعف، ولكن ينكر علينا التهاون والتخاذل، فإن نحن رضينا بضعف الفكرة هزمتنا أنفسنا قبل مواجهة عدونا، وإن أردنا القوة فلا تُستمد إلا باتصال دائم مع مولانا، وكل نفس تطيق ما تسعه.
وختم بقوله: "إنما هي حياتنا التي سنُسأل عنها... ولن نسأل لماذا لم نحرر المسجد الأقصى؟! ولكن السؤال: ماذا فعلنا في سبيل تحرير المسجد الأقصى؟! فيا إخوتي أعدوا للسؤال جواباً!..."
كانت ثمرة هذا اللقاء بذرة زُرعت في قلوب الأقران لتأسيس عمل طلابي للدفاع عن المسجد الأقصى ونشر الحقيقة وفضح أكاذيب اليهود وما يحيكون له.
في ذلك اليوم تبسمت السماء وتراقصت أوراق الأشجار، فلم يعد بلال الطالب الوحيد الذي يؤرّقه همّ المسجد الأقصى، لقد أصبحوا عصبة من الطلاب، وصاروا عيوناً ساهرة، وأفكاراً تتقد نوراً، وناراً تُضْرم في جسم الصهاينة لتقضّ مضاجعهم وتُرهب كيانهم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة