لماذا نرفض الكلام عن “الجنس”؟
البشر كلهم -على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأديانهم وأوطانهم وأعراقهم وألوانهم وعاداتهم وتقاليدهم- لهم حاجات فطرية؛ فهم يأكلون وينامون ويتزوجون ويلهون ويقضون حاجتهم، كلهم يفعل هذا بلا استثناء.
والبشر كلهم -رغم اختلاف ثقافاتههم- يعترفون بأن هناك أشياء بنيت على الحياء والستر وأشياء يستحب الجهر بها، فنرى الناس يجتمعون على الطعام والشراب واللهو، ولكنهم لا يجتمعون في الحمامات على قضاء الحاجة (من تبول وتبرز واغتسال)، لأن هذه الأشياء بنيت على الانفراد والسر. ودليله ما نراه في جميع البلاد (الملحدة والنصرانية والبوذية…) إذ نرى للرجال حمامات وللنساء حمامات منفصلة، ونلاحظ الحمامات العامة والمخصصة لأحد الجنسين مقسومة بدورها إلى غرف وبحيث يكون لكل فرد حمام منفصل عن الآخر وله باب ساتر وقفل متين، بمعنى أن “ينفرد الإنسان بنفسه حين يقضي حاجته” ولا يكون بحضرة الآخرين.
وفي المجالس العامة نرى الناس لا يتقبلون أبدا أن يصدر المرء صوتاً أو ريحاً ويستقبحون ذلك، ويعلمونه للصغار من سن مبكرة لكيلا يخطئوا ويفعلونه أمام الكبار، مع أن (إصدار الريح والصوت) حاجة طبيعية وفطرية ويفعلها كل البشر، بل أحياناً تكون الحاجة مرضية وقد تكون ملحة وقاهرة، ورغم ذلك يدفعها الإنسان دفعاً حتى لا تسبب الأذى للآخرين ولا تسبب له الحياء والحرج، وينتظر حتى ينفرد بنفسه ليتصرف فيها.
إذن الحاجات الإنسانية والضرورية والفطرية ليست كلها مباحة أمام الآخرين، بل بني بعضها على الستر والسرية مثل (قضاء الحاجة) وعلى شاكلة ذلك ومن نمطه “العلاقات الجنسية”:
1- فهذه العلاقة الفطرية المباحة لا تكون على الملأ وإنما في الخفاء وفي غرفة النوم. ولا ينبغي للزوج مداعبة زوجته ولا التقديم لتلك العملية (فضلاً عن إتمامها) بحضرة الناس وخاصة أمام الأطفال، وخاصة أطفاله هو بالذات.
2- ولهذه العلاقة الفطرية شرط مهم جداً فهي “لا تكون إلا بين الزوجين”، وفي عالمنا العربي يشتروط لها أيضاً “إعلان الزفاف” ولا يسمحون أبداً حتى للشابين المعقود عقدهما الشرعي بممارستها.
3- وهذه العلاقات لا يصح الكلام عنها لمجرد الكلام لأنها ليست علماً لنعلمه للناشئة، وليست معلومات عامة لنحرص على نشرها، وإننا لنتقاعس عن تعليم أبنائنا الكثير والكثير من الأشياء المفيدة وإن بناتنا وأبناءنا يتزوجون وهم لا يعرفون كيف يدار البيت ولا كيف يربى الطفل، فلماذا نبدأ بتعليمهم “الجنس”، ولا نفكر بتعليمهم ما يفيدهم أكثر في حياتهم.
4- وهذه الأمور تعرف بالغريزة والفطرة، والكلام المجرد عنها لمجرد الكلام يثير الغرائز بلا طائل وقد تثير الحفيظة والغيرة وما شابه من المشاعر، وإنما يجوز الكلام عنها للحاجة وقد تصبح معرفتها ضرورة ملحة وذلك عند الزواج أو التطبب أو الاستفتاء أو لمصلحة أخرى.
واليوم يريد المفسدون منا نشر “هذه العلاقة الخاصة جداً” على الملأ، وأمام الكبير والصغير، والمحصن والبكر، والشاب والفتاة… وبلا قيد أو شرط. فلماذا ننشر ما بني على الستر؟ لماذا نثير الغرائز في أبنائنا وهم صغار وعاجزون عن الزواج؟ وماذا سنجني سوى الفساد والانحلال؟ يجب هنا إضافة شيء مثل و المعاناة والتحسر والتشوق ألا نحب أولادنا فماذا نعذبهم ونلوعهم
أيها الناس
نحن في عصر الوعي والعلم، ولكن على كل امرئ أن يتعلم ما ينفعه وما يفيده، وأبناؤنا قبل الزواج لا يحتاجون إلى المعلومات “الجنسية”، فلماذا نعلمهم ما لا يحتاجونه؟ حتى إذا كبروا وقدر الله لهم الزواج كلمناهم عنها، أما إن لم ييسر الله لهم النكاح فلا جناح عليهم ألا يعرفوا هذه المعلومات أبداً، فإن ذلك لا يضرهم شيئاً.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن