ليس أفضل مني
يد تمد ورقة نقدية، وأخرى تقابلها تمد نفس قيمة الورقة! لعلها صورة ترمز إلى الصدقة؟ لكن لماذا تتقابل اليدان؟ هل في الموضوع تبادل منفعة؟
• اسم صورتي يا صديقتي «ليس أفضل مني»، وسأحكيها لك... في ذلك اليوم القريب وضعتْ أخت لنا مولوداً، واتفقتُ مع أخريات لنقوم بزيارتها للمباركة.. كلنا فعلنا عدا واحدة، لماذا يا ترى؟
• لا أدري!
• لم تذهب لأن صديقتنا الوالدة لم تهنئها عندما وضعت هي مولودتها، وفلسفتها: هي ليست أفضل مني، واحدة بواحدة!
استوقفني ذلك، وأخذت بعده ألتفت للواحدة بواحدة هذه، وفاجأني وجوده بكثرة.
تخيلي أن فلانة من الناس، لبت دعوة قريبتها وحضرت زفاف ابنتها، لكنها أقسمت قبل أن تذهب ألا تتحرك للمساعدة في استقبال أو ضيافة أو غيره، تماماً كما فعلت القريبة في حفل زفاف ابنة الأولى، وليس أحد أفضل من أحد!
تسألين: هل اتصلتِ تستفسرين عن ابن جارتنا المريض؟ فتقول: هي لم تسأل عندما مرض زوجي!
وأخرى تسألينها: ما كانت هديتك لقريبتنا في تخرجها؟ فتقول: نفس مستوى هديتها التي قدمتها عندما سكنتُ منزلي الجديد، وبنفس السعر.
هل تصدقين أنه حتى العزاء، صار بالمقابل: عزّتني أعزّيها، لم تفعل لن أفعل! و"ليس أحد أحسن من أحد"!
ومنهم من يستخف بالفقير فيقدمون له هدية متواضعة، والغني يحتارون ماذا يحضرون وماذا يشترون وهل سترضيه أم لا.
وقد يتحول الأمر أحياناً إلى واجب دون تناسق ولا إحساس! فقد روت إحداهن: «وضعتُ مولوداً ذكراً، وجاءت جارتي تهنئ وتبارك، فماذا قدمتْ؟ كسوة لطفلة أنثى عمرها سنتان! وليس لديّ ابنة أصلا!».
وأخشى يا أختي أن تصل الأمور إلى: مشى في جنازة لنا نمشي في جنازة لهم، والعكس وارد!.
علاقات أنانية، خلت من المشاعر الجميلة، خلت من الحب والبساطة والعفوية، وأصبحت عبئاً مملاً وواجباً ثقيلاً، والشعار: واحدة بواحدة!.
ماذا كانت الهدية؟ ليحب بعضنا بعضاً، ليدخل أحدنا السعادة والفرحة على قلب أخيه المسلم، لتطييب الخواطر والتصالح والتسامح «تهادوا تحابوا»، ولا يجب أن تكون مرهقة فوق الطاقة.
لماذا نعود مريضاً؟ لتسليته والتخفيف عنه والدعاء له وجبر كسره، وإظهار المحبة له والاهتمام به، لتقول لنا الملائكة: «طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً». فأين طلب الأجر؟ وأين السعي في إسعاد العباد؟
ولماذا كانت تلبية الدعوات حق للمسلم على المسلم؟
لإسعاد الداعي، وللوصل وإثبات المحبة أو تجديدها وإزالة ما قد يكون في الصدور من شوائب أو ضغينة، مع ما فيها من لقاءات وتبادل أخبار ومصالح وروايات وقصص مسلية وتناصح و.
ولماذا نتفقد صديقا غابت أخباره؟ أو نبارك للعائلة أعيادهم حتى لو لم يفعلوا؟ لماذا نصل من قطعنا؟ ونعطي من منع عنا؟ لماذا علينا أن نبادر ولا ننتظر من يبادر؟.
لأنه إسلامنا الذي علمنا أن نعطي والأجر من الله، أن نتفقد والأجر من الله، أن نهدي والأجر من الله، أن نهنئ والأجر من الله.
• صدقت والله، فكم من مناسبة ندعى إليها أو نؤديها فنشعر بثقلها ونعتبرها واجباً مملاً كواجبات المدرسة الصعبة عندما كنا صغاراً.
• إذن قومي لنعود جارتنا المريضة
• هكذا دون شيء أحمله في يدي؟ المشكلة أن راتب هذا الشهر مديون لا يحتمل!
• وكأني كنت أتحدث مع نفسي مدة ساعة؟! الأمر سهل، أعدي طبق حلوى من يديك الماهرتين، والنية إسعاد وأجر. وموعدنا المساء.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن