قالت.. وقال! (2)
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
2438 مشاهدة
قال لها: من الأسماء التي أحبها اسم أربكان.. أستاذ أردوغان..
قالت له: كيف لا..وهم أحفاد السلطان عبد الحميد الذين أعادوا للدِّين بعض أمجاد أجدادهما!
…
قال: هل أحسستِ في يوم من الأيام أنّ شدّة الملاحظة تكاد تتحوّل من نعمة إلى ابتلاء؟
قالت: أحياناً أحسّ بهذا.. وأتغاضى وأتغابى لكي لا يشعر الآخرون بالحرج!
…
قال لها: فوق الشوك ورد؟ أم تحت الورد شوك؟
قالت له: في الباطن أشواق!
…
قالت: أشعر أنني مستَهلَكَة تماماً.. أتوق للعودة إلى البيت ظهراً وأتغدى مع الأهل.. أنام من دون تفكير.. أمارس هواية التأمل على شاطئ البحر.. أراجع ما نُسّيت من القرآن الكريم.. أنسى ضغط المسؤوليات وتقصيري في بعضها!
قال: رتِّبي أولوياتك وما يسبب لك ضغطاً أو عدم راحة أتركيه.. وتذكري دائماً أنه في الأولويات أنتِ رقم “واحد”.. لأنك بكل بساطة إن أهملت نفسك فلن تقومي بأي إنجاز وكل شيء بعد ذلك سيتوقف!
…
قال: ما سبب ارتياح الإنسان حينما ينظر إلى الأفق؟ أعتقد والله تعالى أعلم أن النظر إلى أي شيء بعيد يورِث راحة نفسية..
قالت: شخصياً النظر إلى الأفق يعطيني أملاً.. ويرزقني ركوناً.. وشعوراً بقدرة الله جل وعلا.. لأني لا أتوقف عند الأفق.. بل أسبح في عوالم أُخرى أبعد وأعلى!
…
قال: يستفزني جون وليامز إذ يبدو أن حذاءه الضيق أثّر على سعة أفقه حين قال “ما فائدة الدنيا الواسعة إن كان حذاؤك ضيِّقاً؟”.. لا أدري ماذا يمكن أن يحس لو حرمه الله من الرجلين ليلبس بهما حذاء!
قالت: أظنه قصد أنه حين يقوقع المرء نفسه في دائرة ضيقة فلن يرى الفضاء الرحب!
…
قال: يحيّرني ما الذي يجعل الإنسان لا يتقبل النصيحة إلا نادراً..
قالت: حقيقة لطالما تفكرت في أمر.. وهو ذو شقّين.. الأول أنك تنصح ولا يستجيبون.. تقول له: هنا حفرة انتبه ولكن لا بد أن ينزل فيها ويتلوث ثم يخرج -إن خرج- ليقول إن الله حق!
والشق الآخر.. أنّ النصيحة التي تسديها لخَلق الله تعالى أحياناً لا تنفعك أنت نفسك.. إن مررت بنفس المطب!!
…
قالت: ضاقت حلقاتها!
قال: متفائل أن الليل لا بدّ زائل.. وأشد ساعات الليل حلكة الهزيع الأخير!
…
قال: كنت أفكر لماذا تصبح الهدية ولو كانت زهيدة الثمن غالية؟ عادة يجيب الناس أنها تستمد قيمتها من المهدي
و ربما قال البعض أنها تنشئ رابطاً..
قالت: لأن البعض يهدي بعضاً من روحه معها!
…
قالت: أشعر بحالة رضا داخلي.. ينتابها نوبة رغبة بالبكاء لا أجد لها معنى!
قال: هل تذكرين ماذا يحصل بعد العملية الجراحية؟ يحتاج المرء إلى ساعات ليستيقظ من البنج.. ولا يستطيع أن يستعيد وعيه تماما إلا بعد أن يتقيأ كل بقايا البنج.. وحينها فقط يعود إليه توازنه.. ولا يبقى من أثر البنج إلا ذكرى لا تؤثر على التوازن.. ربما يجب أن تخرجي ما تبقى من دموع لتستكملي انطلاقك ومسيرتك بدون التفات إلى الخلف!
…
قالت: عجبتُ لأولئك الذين يدّعون الأخوّة ثم ينزعونها كما ينزعون سترتهم! بينما أشعر أنا بانسلاخ حين أضطر لقطع العلاقة مع أيّ كان!
قال: أنت قلت “يدّعون الأخوّة”.. يجب على كلّ من يدّعي أمراً أن يسوق البرهان عليه.. فإن فشل فإنّه يبقى مدعياً.. وليست النائحة كالثكلى!
…
قالت: فقدت كلمة السر لملف أغلقته فيه عصارة تجارب مؤلمة..
قال: كثير من الأشياء لا نشعر بأهميتها إلا بعد مرور الزمن.. ومن هذه الأشياء النسيان.. أدعو الله أن تنسي كل كلمات السر الخاصة بملفاتك الحزينة.. أكره نبش القبور والموتى فما الداعي لنبش ما تم دفنه؟ أليس إكرام الميت دفنه؟!
…
قالت: مذ نأيت عنه يستصرخني.. أُخرِسًه.. يئن.. أُخفيه فيجنّ.. يتوق لأجري به على الورق.. ما علم أنه بعد الخلع.. لا يجوز أن ألمسه.. أو أن يحنّ!
قال: أقلقتني حروفك.. الكلام يريد أن يعمي القارئ فيوهمه أن المقصود هو القلم.. ولكنه ليس المقصود! ستهون..
…
قالت: هل حدث أن تظاهرت بالقوة في أمر وأنت أضعف ما يكون فيه!؟
قال: أجيبك بصراحة.. نعم.. حصل! ولكن.. لِم أشعر أنني على وشك سماع دويّ انفجار؟
قالت: الانفجار الشديد تم.. ولكن بداخلي أنا.. وشظاياه لم تصل إلا إلى روحي.. ولكنني سأقوى على الصراع.. أعلم ذلك!
قال: علمتني الأيام أن أتحمل الانفجارات.. وأن أكتم النار بداخلي.. وأن أُظهِر البسمة على المحيا حتى لو كان القلب يحترق.. كنت فيما مضى أغالب النفس لفعل ذلك إلا أن الأمر أصبح أسهل علي بكثير من ذي قبل لكأنه يقترب من أن يكون عادة متأصلة! جرّبي وستعتادين على ذلك..
…
قال: حينما أقرأ عن الملفات الذهنية وعن كيفية تحمل المرء للمشاكل لحين امتلاء الأوعية أخاف.. هل يمكن أن يحصل معي ذلك فأنفجر فجأة؟
قالت: لا لن تنفجر بإذن الله تعالى.. لأنك مطمئن بالإيمان.. ومستسلم لقضاء الله تعالى.. ومؤمن بالقدر!
…
قال: هناك مقولة قديمة تقول: “احصِ البركات التي أعطاها الله لك واكتبها واحدة واحدة وستجد نفسك أكثر سعادة من ذي قبل”. أتعلمين؟ إننا ننسى أن نشكر الله تعالى لأننا لا نتأمل في البركات ولا نحسب ما لدينا.. ولأننا نرى المتاعب فنتذمر ولا نرى البركات.. قال أحدهم: “تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين.. ولكنني شكرت الله بالأكثر حينما وجدت آخر ليس له قدمين!”
قالت: قد أحمد الله جل وعلا على ابتلاءاته أكثر مما أشكره على نعمائه.. لأني بالابتلاء أفهم الدنيا أكثر وبعد كل محنة أخرج بإذن الله جل وعلا صلبة أكثر لأكمل بإصرار وتحدّي أكبرَين.. في حين أنني قد أُفتن بالنعمة.. وبلاء أم رخاء.. في كلٍّ للمؤمن خير!
…
قال: حوِّلي إلى المؤنث الفقرة التالية:
“في كل مرة تضبط فيها نفسك خلال هذا الأسبوع متخفياً وراء القناع المعتاد من الجدية وغرابة الأطوار فعليك أن تخلعه. عليك أن تبتهج وتبتسم وتلهو مع الأسرة. تخيّر القيام بهذا كل أسبوع حتى لو لم تكن تشعر بذلك فعليك أن تفعله من أجلهم. انهض وابدأ الركض من حولهم والعب معهم. إن العديد من المسؤوليات تقع على عاتقك بالفعل إلا أن المسؤولية الأولى تتمثل في أن تعمل على إسعادهم لذا عليك ألا تكون كالشوكة في ظهورهم. العب معهم هذا الأسبوع, هل تذكر اللعب؟ فلقد قضيت صباك كله تلعب فما المانع في أن تلعب مع أسرتك؟ فلديك عائلة رائعة، شاركها اللهو. ابتهج يا رجل! هيا، استمتع بوقتك، فليست الحياة بكل هذا السوء، تخلص مما أنت فيه!” مقتبس من كتاب (زوج صالح زواج ناجح صفحة 233)
أعجبتني جداً هذه الفقرة وأنا متأكد أنك لن ترتكبي أي خطأ لأنك تجيدين إسقاط الأمور على النساء.
فقالت: جداً رائع.. كنت فيما مضى أُسقِط كل شيءٍ على وضعي البائس وأبكي.. اختصاص نكد! أما الآن فلم أعد أحترف ذلك بفضل الله تعالى.. فقد أهمّني أمر آخر.. العمر يجري بل يهرول ولا بد من استغلال ما تبقّى من وقتٍ للعمل والإنتاج.. وأنت.. هل فكّرت أن تكتب كتاباً عن كيفية التعامل مع الزوجة والأولاد؟ لو فعلت لسبقت روبرت مارك آلتر بأشواط..
…
قالت: أربع ساعات وقفت على الشاطئ أراقب الموج.. أحبه هادئاً وأعشقه هائجاً.. وأروع اللحظات هي تلك التي أقضيها على حافّته حين يكون مجنوناً وأسمع صفعة الموج على الصخور.. أشعر حينها أنه يفجِّر مكامن نفسي.. يُحدِث زوبعة في داخلي وينتزع منها كل ما يقلقني ثم يرميه في قعره.. يقولون أن البحر غدّار.. ولكنه وفيّ.. على الأقل بالنسبة لي.. أما البشر.. فغدّارون في الغالب.. ومن دون وفاء!
قال: منذ أربع وأربعين عاماً أقف على شاطئ الحياة.. أراقب الناس في هدوئهم وجنونهم.. فلم أجد أروع من لحظة أقف فيها بين يدي الله تعالى أمام الكعبة.. أدعوه أن يغفر ويتجاوز عما يعلم.. أحسّ حينها أن إنساناً جديداً يولد داخلي.. صفحات طُوِيَت وصفحات فُتِحَت.. وأحسّ بحبّ غامر للناس يجتاحني.. مع أنني اكتويت بغدرهم كما لم يَخْبره أحد..
وقلت.. يكفي أنك.. وفيّة!
…
قال: أجمل ما سمعته في موضوع السعادة كلمات لا بد أنك قرأتها في مكان ما: 1- السعادة ليست محطة نبتغي الوصول إليها وإنما هي رحلة. 2- النجاح لا يجلب السعادة وإنما السعادة هي التي تجلب النجاح. 3- السعادة تنبع من داخل المرء.
أنا كنت سعيداً بدرجات متفاوتة خلال رحلة العمر الماضية، ولكن في الفترة الأخيرة أصبح الأمر مختلفاً، حيث أن هذه الصفة هي التي أصبحت غالبة ولله الحمد. وهذا ناتج عن تغيير كبير في شخصيتي وتفكيري ونظرتي للأمور مع بقاء معظم الظروف الخارجية السيئة على حالها بل كثير منها أصبح أسوأ بمرات عديدة. ولكن تبيّن لي أن متابعة التغيير هو قرار داخلي بنسبة كبيرة وأكثر ما أثّر عليّ هو قول قرأته: حين يستيقظ الإنسان يكون عنده خياران إما أن يكون سعيداً أو يكون حزيناً وفي الحالتين سيمر نهاره فعليه أن يختار أن يكون سعيدا لأن الحزن لا ينفعه! فهل هما خياران فعلا أم خيار واحد؟
قالت: بتّ أوقن أن الحزن قرار كما أن الحب قرار كما أغلب الأمور في هذه الحياة.. حين كنت أقترف الألم كنت أساعدني على البقاء في هذا الجو لأنني استسغته وبات رفيقي.. فكنت ألتمس الأناشيد الحزينة والأقوال المؤلمة والمواقف المظلمة وكنت أسبح في كل ما يجعلني أستمر في حالة الألم.. وحين قررت مستعينة بالله جل وعلا أن أسعد نفضت كل غبار الحزن والألم وها أنا ذا أتعلّم كيف أتخلص من “وجعي” بأقل خسائر ممكنة! فهو إذاً.. قرار!
…
قالت: فتشت كثيراً عن اللحظات التي كنت سعيدة فيها فلم أتذكرها! في مراحل حياتي توقفت عند محطاتٍ أسعدني بعضها ولكنها نسبية.. وما أسعدني البارحة لم يعد يسعدني اليوم.. فقد تغيّرت بشكل كبير! أن أهتدي للإيمان فهذه قِمّة السعادة.. والعطاء سعادة.. والحجاب سعادة.. والعمل للدِّين سعادة.. وما دون ذلك فأنا موقنة أن هذه الدنيا ليست لنا.. ولا يمكن لمؤمن أن يشعر بالسعادة فيها إلا أن يتغمده الله تعالى برحمته.. وأنتظر يوم الفرح الأكبر هناك.. عند ربي.. بفضله وكرمه لا بعدله..
قال: أنا أعتقد أن تلك الفتاة المنطلقة على سجيتها قبل الهداية كانت سعيدة.. وهي كانت قوية أيضاً.. وأعتقد أنها أصبحت الآن بعد الالتزام أقوى من ذي قبل ولكن السعادة فارقتها.. وهي الآن تقيِّم الماضي بنظرة دينية فتخاف من التقصير في جنب الله تعالى فتستحي أن تقول أنها كانت سعيدة.. هي كان يفترض أن تكون أكثر سعادة بعد التعرف إلى الله عز وجل ولكنها للأسف دخلت في تجارب سيئة مع الملتزمين من لحظة التزامها وحتى الآن إلا أن النقطة الأهم أن الله تعالى تلطف بها وثبتها.. وهي ما زالت ترتقي بالإيمان والعمل الصالح وحب الله والدِّين والعلم والعمل.. أنا أصبحت أؤمن أن أغلب الناس ليسوا سعداء وليس ذلك لأن الأمر صعب ولكن لأنه يحتاج أولاً إلى اعتراف بالمشكلة وهو ما يخجل منه معظم الناس أو يجهلونه.. ثم الأمر بعد ذلك يحتاج إلى قرار جريء للتغيير..
أنت لديك مقوِّمات التغيير.. وأنت تعرفين أنك غير سعيدة وبت تنشدين ذلك وتتمنينه وتطلبينه.. ربما هناك طرق يمكنها أن توصلك إلى السعادة بشكل أسرع أو أشمل ولكن إذا لم يكن ذلك متوفراً فلا يعني أنه لا يمكن الوصول إلى السعادة في أشكال مغايرة.. وإلا ما معنى “ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنّتي وبستاني في صدري؛ إن رحت فهي معي لا تفارقني. والله لن أترك رسالتي حتى أبلغها أو أهلك دونها.”
وهل يحق لك أن تفيضي بالسعادة على الناس وتعطري الأماكن التي تمرّين فيها بعبق الارتياح والبهجة ثم تحرمين نفسك من كل ذلك وهي أحق الناس بها؟ ما عندك يسعد الناس فلا بد أنه يستطيع أن يسعدك! تحتاجين بعض عزيمة ليس أكثر وحينها سترتاحين كتيراً لأن الداخل سيكون منسجماً مع الخارج.. وستكون سعادتك نابعة أولاً من قلبك أنت!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!