بوابة الحب
رقية بيتية*
لبنان
ما إن تبدأ العلامات الجسدية والنفسية للبلوغ بالظهور حتى يميل (في الحالات الطبيعية) كل جنس للآخر وتبدأ تلك النظرات المسترقة والمشاعر المشتعلة والرغبات المتقدة... تختلف ردات الفعل والتعامل مع تلك الأحاسيس والتغيرات وفقاً للصفات الشخصية التي يحملها الفرد وللبيئات الحاضنة له (المنزل، المدرسة، الحي والأصدقاء...) ووفقاً لعلاقته مع الله سبحانه وتعالى. ثم تبدأ مرحلة النضج ويبتعد الإنسان عن الزلات التي ربما ارتكبها في مراهقته. لكنّ الأمر يختلف عند البعض وتستمر هفواتهم بأسلوب أعمق وأشد وطأة. كالتعلّق بفتاة إلى حد الهوس، بطريقة مَرَضيّة، بحيث يرى فيها ما يكمله ويملأ النقص الذي يشعر به. تروي لي فتاة معاناتها وتقول: «رأيته للمرة الأولى في عملي حيث جمعنا القدر في شركة واحدة. وجدته أنيقاً، ومع مرور الوقت لاحظت إعجابه بي، لكني لم أره مناسباً كشريك لحياتي؛ فلقد اكتشفت عنده خصالاً لا أطيقها وعادات سيئة بعيدة عن الضوابط الدينية كالسباب». كانت ردة فعلها الرفض حين طلب التعرّف عليها أكثر بهدف الزواج. وهنا بدأ بسلسلة إزعاجاته التي لا تنتهي: «صرت أفكر بجدية في تغيير عملي مع أني متميّزة فيه ومحبوبة... يغار عليّ من العملاء ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة. أصبح كَظِلّي لا يفارقني، ليس فقط في الشركة وإنما في الشارع، في السوق. وحتى عبر الإنترنت... يريد أن يفرض عليّ حبه فرضاً. حاولتُ إقناعه بشتى الطرق ليبتعد عني دون أن أجرح مشاعره لكنه لم يقتنع!! ووصل به الأمر إلى تهديدي بتشويه سمعتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يتبقَ لديّ حل سوى أن أقدم عنه بلاغاً في النيابة العامة!».
بوابة الحب لا تغلق في وجوه المحبين إلا بسبب جهل فنون التعامل مع شريك المستقبل المختار، مما ينفره بدل أن يجذبه. فالشاب الذي تحدثنا عنه تعلّق بفتاة لدرجة الجنون مع أنها لا تناسبه وليس لديها الرغبة بالارتباط به. ولو تصرف بحكمة لاستطاع أن يعرف منها أسباب رفضها وربما اتخذ قراراً حقيقياً في تغيير طباعه السيئة قبل أن يعرض عليها الزواج. أما تلك التصرفات التي قام بها فدفعتها للنفور منه أكثر ولاتخاذ موقفٍ سلبي من الصعب التراجع عنه، وقد كونت فكرةً سوداوية عن العيش معه بعضُ تصرفاته التي تنمّ عن اختلال أخلاقي ونقص في ثقته بنفسه... الإشكال الحقيقي الجديد في اختيار الشريك هو العيش في أحلام غير واقعية، ووضع طموحات في الارتباط خيالية، واختيار عشوائي مبني على الشكل والعواطف والمادة أو على التميّز الذي يسد النقص عند الطرف الآخر. مَنْ يُرِدْ أن يعيش فعلاً بسعادة زوجية فعليه أن يبني اختياره على أساس الأخلاق والدين والتفهم والاحترام بين الطرفين. نسأل الله أن يرشدكم إلى حسن الاختيار وحسن المعاملة والتصرف في كل أمور حياتكم...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحثة اجتماعية.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن